هذه حقيقة واضحة ليس من العقل الهروب منها كما نهرب عادةً من الكثير من قضايانا ومشاكلنا الشخصية والاجتماعية، فهذه الخدمة الإلكترونية يمكن استخدامها بشكل أكثر إيجابية ممَّا هي عليه الآن. بل قد لا أتجاوز حدود اللياقة والأدب إذا قلت إنها تُستخدم بشكل سلبي تماماً وأكثر ارتباطاً بالفراغ والغريزة وحب التطفل على حياة الآخرين وخصوصياتهم. منذ أيام فقط وقبل عيد الأضحى مباشرة خسرت العمل ضمن برنامج هام جداً يتعلق بعملي كناشطة في مجال حماية الأطفال الذي تتبناه عدة جهات حكومية و"خاصة" تعمل في اطار الظروف الطارئة والصعبة كالتي يعيشها مجتمعنا اليوم. حين تواصلت مع المنسقين في البرنامج أوضحوا لي بشكل صريح أنهم اعتمدوا خدمة "الواتس أب" والعناوين الإلكترونية وصفحات الفيس بوك للتواصل مع كل الإعلاميين الناشطين في مجال الحماية الاجتماعية ولم يجدوا قرين اسمي لديهم أي عنوان أو وسيلة إلكترونية للتواصل المباشر معي.
وبالرغم من أن لدي رقم جوال يعرفه القاصي والداني في اليمن إلا أن الجماعة مقتنعة تماماً بوسائل التواصل تلك وتريد ـ تقريباً ـ فرض هذه القناعة على الجميع. والمهم أنني رضخت لاستخدام خدمة "الواتس أب" رغماً عني ورغبة في الاستمرار في العمل مع الجهات المتخصصة بحماية الأطفال, فجأة وبعد ساعات قليلة من تثبيت الخدمة بدأت تهطل على شاشة الجوال رسائل من كل حدب وصوب، بعضها له معنى وبعضها ليس له أي معنى، بعضها مجرد ثرثرة وبعضها يحمل شيئاً من الخبث والسمسرة، بعضها ثمين وآخر منها رخيص.. وشعرت عندها بشكوى النساء والرجال من أقرانهم الذين أدمنوا هذه الخدمة وحولوها من نعمة إلى نقمة. شعرت أنه لا فريق الـ ( وتوتة) و الـ( وسوسة).. فالشيطان يدخل للإنسان من باب الفراغ والغفلة كأحد أبواب الهلاك والانحراف عن الصراط، وهذا ما يفعله بعض الناس عبر هذه الخدمة التي لا يتسمر أمامها إلا أهل الفراغ والملل والعاجزين عن استثمار أوقاتهم الاستثمار الإيجابي والبناء.
لهذا فأنا أؤمن بكل خدمة يمكن أن تطوِّر مجال عملي، وأرفض أن يتسلل أي متطفل إلى حياتي ليحاول استثمار وقته على طريقته وعلى حساب وقتي أنا.
ألطاف الأهدل
لا فرق بين الوتوتة والوسوسة! 1384