عزيزي القارئ: بعد أن صلنا وقطفنا وأهديناك معانٍ ومفاهيم جمة حول الفساد الإداري في المقال أو في الحلقة الأولى والتي تعنى بهذا الموضوع" الفساد الإداري.. غريمك يا بلادي!!" ونظراً لخطورة الفساد الإداري الذي يشل العمل في شتى المرافق والمؤسسات في كل زمان ومكان, لا زلت أكتب في هذا الصدد وسأتناول موضوع الفساد الإداري, لكي نكون على علم وبينة ولكي نتجنب هذه الظاهرة الخطيرة ونعمل على مواجهتها والعمل على علاج مثل هذه الأمراض المستعصية والتي لابد من استئصالها و التي هي بالنسبة لنا كمجتمع ووطن مشلول وملخبط ومهزوز وغير لائق لبلد غني بثرواته وخيراته.. وحتى نتحرر من قيود الفساد المدمرة والمنهكة لشتى الأوضاع في البلد, وأذرع أخطبوط الفساد الإداري الذي دمر اقتصاد بلادي بل تعليمها والصحة وغير ذلك في مهب الريح وليذهب المواطنون إلى الجحيم.
إن المجتمع اليمني والدولة اليمنية تعاني من ظاهرة الفساد لا سيما الإداري بسبب غيبة الرؤية وتداخل القضايا بل وازدواج النظرة أحياناً بل الثقافة المجتمعية من الأسباب المؤدية لظاهرة الفساد وأن علاج الفساد يكمن في التركيز على الإصلاح الاجتماعي وليس مجرد التوقف عند الإصلاح الاقتصادي لأن المناخ العام في كل مجتمع هو الذي يحدد درجة تقبله للفساد من عدمه ويطرح أيضاً أسلوب مواجهته سواء تم ذلك بالطرق القانونية أو الجهود الثقافية.
إن الفساد يعود في الغالب إلى سببين رئيسيين هما: الرغبة في الحصول على منافع غير مشروعة ومحاولة التهرب من الكلفة الواجبة.
وتتعدد الأسباب المؤدية إلى الفساد الإداري, نقسمها إلى مجموعتين:
1.أسباب بيئية اجتماعية خارجية, وتنقسم إلى:
•أسباب تربوية وسلوكية: بعدم الاهتمام بغرس القيم والأخلاق الدينية في نفوس الأطفال مما يؤدي إلى سلوكيات غير حميدة بقبول الرشوة وعدم المسئولية وعدم احترام القانون.
•أسباب اقتصادية: فيعاني أكثر الموظفين خصوصاً في الدول النامية من نقص كبير في الرواتب والامتيازات, ما يعني عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات المعيشة ومن هنا يجد الموظف نفسه مضطراً لتقبل الهدية "الرشوة" من المواطنين ليسد بها النقص المادي الناتج عن ضعف الرواتب.
•أسباب سياسية: وها هي الساحة السياسية والشارع اليمني تواجه بعض الدول وخصوصاً في الدول النامية تغييرات سلبية تعمل إيجاد صراع سياسي ينهك الدولة ويزعزع الأمن والاستقرار نتيجة عدم الوعي والتعصب سواء للحزب أو القبيلة أو لمذهب أو طائفة, الأمر الذي يخلق جواً من عدم الاستقرار السياسي مما يهيئ الجو للفساد الإداري .
2.أسباب بيئية داخلية ( قانونية ):
وقد يرجع الانحراف الإداري إلى سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل وذلك نتيجة لغموض مواد القوانين أو تضاربها في بعض الأحيان, الأمر الذي يعطي الموظف فرصة للتهرب من تنفيذ القانون أو الذهاب إلى تفسيره بطريقته الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح المواطنين.
هذه أبرز الأسباب التي جعلت الفساد الإداري يتخلل مرافق ومؤسسات الدولة, مما يتسبب بتعطيل الحياة ويعكر صفو المواطنين.
هشام عميران
الفساد الإداري..غريمك يا بلادي!(2) 1270