كثيراً ما نسمع هذه الكلمة في وقتها وفي غير وقتها أيضاً، فيما يمكن أن يكون عيباً وفيما لا يمكن أن يكون كذلك، لكن المؤكد أننا نعيش تحت مظلة كبيرة جداً اسمها العيب، وهي مظلة سحرية فعلاً، حيث أنها تجعل من كل حق عيباً ومن كل باطل فضيلة!.. خروج المرأة للعمل بمفردها دون محرم عيب، وإنفاقها على رجال عاطلين عن العمل مش عيب!.. أن تخرج للتنزة وتفريغ الشحنات السلبية والترويح عن نفسها بالحلال الطيب عيب، لكن حين تجمع مبلغاً من المال وتدسه في جيب موظف مبتز أو ابن عاق أو أخ متسلط مش عيب!.. أن ترفع المرأة صوتها وتبرز حجتها في الظلم الذي تعانيه من زوجها عيب، لكن أن يضرب الزوج زوجته ويسرف في عقابها أو يأخذ منها أولادها ويحرمها رؤيتهم وحضانتهم مش عيب! أن تعمل المرأة في مجالات جديدة لم تكن تعمل فيها من قبل كالمحاماة والقضاء والشرطة والتجميل والتجارة عيب، لكن أن يسرق رجل رأس مالها ويتاجر باسمها ويستغل وكالتها مش عيب.. طيب كيف يا جماعة؟!
أعطونا جواباً نهائياً؛ فين العيب بالضبط؟! فينا وإلا في آبائنا وأمهاتنا وإلا في رجال مجتمعنا وإلا فين؟!.
العيب هو كل ما خالف الأعراف والعادات والتقاليد. والحرام هو كل ما خالف الشرع والدين والفطرة السوية، لكننا نعيش في مجتمع كل شيء فيه قابل للذوبان، مجتمع الـ(عصير العرائسي والمجنونة ومشكل الفرن)!.
وقد يسأل أحدكم لماذا استشهدت الكاتبة بمثل هذه الأطعمة تحديداً؟! وحتى يذهب العجب أشرح لكم السبب، فالعصير العرائسي اليمني هو العصير الوحيد في العالم الذي يحتوي على البيض والتونة والزبدة والمربى وهي مجنونة فعلاً، ومشكل الفرن يجمع الطبيخ والمسقعة والملوخية معاً!.. فهل أكون محقة عندما أتحدث عن مجتمع يختلط حابله بنابله على هذه الشاكلة حتى يكون الحق فيه عيباً والعيب والبلطجة وقلة الشهامة رجولة كاملة.
يؤسفني أن أتحدث عن مجتمعي بهذه الطريقة لكنها الحقيقة التي نحاول أن نهرب منها ليلاً فتواجهنا نهاراً، ونتحاشى الوقوف أمامها نهاراً فتطاردنا ليلاً، ومثلنا لا يستطيع أن ينمق حقائق واضحة أو جمل أخطاءً فادحة فنحن في نهاية المطاف تلك الملعقة التي تغرف ما يحويه إناء المجتمع.
ألطاف الأهدل
عيب ومش عيب! 1466