لا اعتقد أن إقالة الحكومة في هذا التوقيت له علاقة بمطالب الشعب..فقد سبق ذلك مطالب بإقالة الحكومة ووزراء اثبتوا فشلهم في الأداء لكنه لم يستجاب لها, لكن إقالتها في هذا الظرف استجابة لمطالب جماعة مسلحة؛ إقالة لا تتعلق بأداء الحكومة، هذا الأمر يضع الكثير من التساؤلات ويجعلنا نعود إلى فرضيات إجهاض ثورات الربيع العربي الذي تحقق في مصر لنتحقق: هل يتم تطبيقها في اليمن؟.
منذ بداية المرحلة الانتقالية؛ نحن نعلم أن ثمة مشكلات وعراقيل سياسية واقتصادية وأمنية إلخ في طريق هذا الانتقال.. لكن تم استثمارها منذ الوهلة الأولى لتشويه صورة التغيير الذي فرضته ثورة 11فبراير..خاصة والأمر يتعلق بأداء الدولة.. لاحظوا انه حينما كانت الثورة في أوجّها وتمتلك قوتها خلال العام الأول ونصفه من التسوية السياسية كان هناك من يتعمد استهداف المناشط الحيوية للدولة المتعلقة بحياة الناس، ضرب أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط، اطلاق العنان لجماعات العنف "أنصار الشريعة-جماعة الحوثي المسلحة" وتسليمها معسكرات بكامل عتادها من الأسلحة والذخائر إلخ.. منظومة مشروع التدمير.. كل ذلك كان يحدث وهناك من يحاول إلصاقها بثورة التغيير رغم ان الأمر يتعلق بالدولة ومؤسساتها.. قوة الثورة والأدوات التي تملكها وعوامل القوة المحيطة بها كانت تواجه ثورة مضادة تهدم ولا تبني تستنزف مقدرات البلاد وتدعم وتمول كل ما من شأنه يخدم مشروعها الإجهاضي خاصة وانها حظيت بدعم خارجي من الراعي الحصري لإجهاض ثورات الربيع العربي "الإمارات والسعودية".
حيثيات كثيرة تشير بوضوح إلى القوى التي تعمل على إجهاض مشروع التغيير في اليمن وليس لمشروع الثورة الحامل لمشروع التغيير فقط،لأنه بعد الحصول على وثيقة مخرجات الحوار، بدأ يتضح جلياً أن هذه القوى ليست في عداء مع الثورة فقط بل حتى مع أي تغيير يستهدف حياة اليمنيين وشكل الدولة والنظام السياسي.. كان المآل يتبدى شيئاً فشيئاً مع اختلاف الإخراج.. تم تفكيك أدوات القوة للثورة من العسكريين والقبائل والأحزاب.. ولم يحدث تغيير حقيقي على مستوى المحافظات 95%التي يديرها النظام السابق..
ونحن غارقون في سرد المؤامرات والعراقيل التي تواجهه التسوية السياسية والتوعية بضرورة التصدي لها.. كنا غارقين بضرورة إنجاح مؤتمر الحوار الوطني.. كنا غارقين بالتوعية بمخرجات الحوار الوطني, تم التهينا بأن حلول القضية الجنوبية سيكون إنهاءً لجوهر كافة المشكلات ومربط الفرس, فاكتشفنا أنها لم تكن كذلك.. كنا غارقين بقضايا هامشية بكوتا المرأة وزواج الصغيرات،وفترة إجازة رضاعة الأم لطفلها، وهناك من يفرغ هذه المخرجات من محتواها فعلا وقولاً. وهناك من يبني قوته الخاصة ويعد العدة للانقضاض على اليمن برمته.
خطأ تاريخي أن تسند الأمر إلى غير أهله ثم تعول عليه أن يحقق أهدافكم. فرضيات إجهاض ثورة التغيير في اليمن أصبحت واقعة, تم وضع المنافسين السياسيين في معسكرين؛ المؤتمر وعلي صالح ومناصريه والحوثيين معسكر أول في مواجهة الإصلاح وشيوخ القبائل وقادة الجيش المناصر للثورة كمعسكر ثاني، تم إسقاط عمران وقتل القشيبي، وأترككم مع حيثيات واقعية سردها الدكتور عبدالله الفقيه في مدونته لاكتمال مخطط اجهاض التغيير وحزب الإصلاح وكيف التقت مصالح هادي والحوثيين وعلي عبدالله صالح على ذلك، يقول عبدالله الفقيه" السعودية والمتحالفون معهم عملوا على خلق أوضاع مشابهة للأوضاع قبيل اندلاع ثورة 11فبراير فتم إخفاء المشتقات النفطية ومن ثم تم رفع الدعم عنها. ثم أُعطيت الإشارة للحوثيين للبدء باحتجاجاتهم المسلحة وحددوا للرئيس هادي 3أيام لتحقيق مطالبهم بإسقاط الحكومة وحشد لذلك إعلامياً وسياسياً والعمل على تكوين إرباك حقيقي سيستجيب له بعض القيادات العسكرية والسياسية، وسيقوم الرئيس هادي بمشاورات سياسية والاجتماع برجال الدولة وعقد لقاءات قبيلة", ويقول الفقيه" إن الرئيس هادي اخذ بنصيحة السعودية في إدارته للحوثيين, فشكل غرفة عمليات برئاسة بن دغر وعضوية ياسين سعيد نعمان ونصر طه مصطفى".
وأخيراً تم تشكيل لجنة رئاسية للقاء بزعيم الحوثيين لينتهي الأمر إلى النقطة المحددة: إقالة الحكومة وإعادة النظر في سعر المشتقات النفطية.. ليشكل هادي الحكومة التي يريد و اختيار وزراء الذين يخدمون مشروعه السلطوي.. حكومة لا كيان للمشترك فيها ولا لقوى الثورة.. حكومة خارج اتفاق المبادرة الخليجية وسيمثل فيها الحوثي بنفس النسبة التي حصل عليها في مؤتمر الحوار،ومحتفظ بسلاحه.
حكومة انقلاب ناعم تتخلص من القوى المشاكسة "الإصلاح وبعض قوى الثورة" في نظر هادي والمخلوع صالح والحوثيين وستبارك الدول الراعية للتسوية السياسية هذا الإنجاز التاريخي وسيعلنون دعمهم للرئيس هادي..
سينتهي المشهد الأول بتشكيل حكومة غير وطنية.. فانتظروا الأيام حبلى بالأحداث..
أحمد الضحياني
خطوة في طريق إنقلاب ناعم 1262