بين من يعلم ومن لا يعلم في هذا الوطن لا فرق كبير, فالمتعلمون ربما كانوا أسوأ من أولئك الجهلة الذين لا يستطيعون استيعاب نتائج أفعالهم ومدى تأثيرها على المجتمع, لكن المتعلمون يعلمون علم اليقين النتيجة الحتمية التي ستؤول إليها أفعالهم ونسبتها في إحداث التأثير على من يرونهم قدوة صالحة للاتباع. فالمخالفات السلوكية أو الذوقية في كثير من المكاتب والدوائر الحكومية إليها أفعالها ونسبتها في إحداث التأثير على من يرونهم قدوة صالحة للاتباع.
فالمخالفات السلوكية أو الذوقية في كثير من المكاتب والدوائر الحكومية يقوم بها متعلمون بل ومثقفون أيضاً, وعلى سبيل المثال لا الحصر نلحظ باستمرار وجود هذه الجملة بوضوح في كثير من الدوائر والمكاتب الحكومية وغير الحكومية, التجارية منها والخدمية, الإيرادية وغير الإيرادية..
"ممنوع الدخول لغير العاملين" ثم يكتظ الناس دون هذه اللافتة وكأنه لا وجود لها, ونقرأ أيضاً "ممنوع التدخين" وإذا بالجميع يسوّك أسنانه بأعقاب الدخان وكأنها مجرد حلوى. ومن هنا تحديداً تبدأ كل مشاكلنا الخاصة والعامة, فنحن لا نؤمن بما نقول, ولو أننا آمنا لكان خيراً لنا, لكننا لا زلنا إمعة لا نتيع إلا ذو سلطة, حرية هؤلاء في التدخين داخل المكاتب وأثناء الدوام وفي وجه النساء سواءً كانت مستفيدة من الخدمة أو موظفة لدى هذه الجهة.. هذه الحرية العمياء لا تمنحهم الحق في الإضرار بمن حولهم لهذا قلت " ممنوع التدخين لغير المدخنين"! فما ذنبي مثلاً وسواي ممن يتضررون بالتدخين في الإصابة بأي مرض لا سمح الله جراء استنشاق الدخان رغماً عنا وعلى أعيننا!.. المشوار طويل جداَ أمام بناء جيل مسلح بالحضارة السلوكية والذوقية, إنها المدرسة التي سنبقى خارج فصولها إلى أن يشاء الله.. المذنبون في شريعة العُرف والقبيلة أبرياء حتى لو اعترفت بالخطيئة ألسنتهم وشهدت على معاصيها أيديهم وأرجلهم, أما الأبرياء في هذا الوطن الظالم كبراؤه فحسناتهم ذنوب, وصبرهم ضعف وصمتهم ضغينة لأنه لا ظهور تحميهم ولا صدور تحتويهم فهم إذاً وجبة عشاء دسمة يحتضر حولها الجياع ويتخم عليها من يجهل هل هو من عالم الأحياء أم هو في عداد الأموات, هكذا يعيش الكثير منا في اليمن متجاوزاً كل الحدود وعابثاً بكل القيم الإنسانية عرض الحائط مستنداً إلى جدار العادات والتقاليد والأعراف التي هي براء من هذه التجاوزات السلوكية والأخلاقية الهابطة والتي لا تصدر إلا عن أشخاص عجزوا عن اتخاذ القدوة وإيجاد البديل وتقبل التغيير. لكم نتمنى أن نفتح أعيينا ذات صباحٍ وقد أصبح في هذا البلد قانون مكين وولي أمرٍ أمين وشعب يأبي أن يكون من الضالين, آمين اللهم آمين..
ألطاف الأهدل
ممنوع التدخين لغير المدخنين! 1435