من المؤسف أن يكون لنا حكومة بهذا الجمود والتخاذل واللاإنسانية التي كنا نشكوها بمرارة ممن يحملون عصا الأمن والأمان داخل الوطن. ومن المؤسف أيضا أن يصل الحال بين أبناء الوطن الواحد إلى ما وصل إليه اليوم مهما كانت الأسباب والدوافع الكامنة خلف ما حدث، ومهما شحت السبل إلى إيجاد نقطة التقاء واحدة يتم من خلالها إسقاط جهات النظر الراكدة والأهداف الرخيصة وإحلال رؤى مشتركة جديدة يمكن أن تقود إلى الحل.
ففي مثل هذه الغوغاء يصعب الحديث عن كومة مسؤولة وشعب على جدارة عالية من الوعي، وهذا يقود بدوره إلى إيجاد تفسير واضح حول ردود أفعال فاشلة لمن يمثلون جماعات معينة من أبناء الشعب والذين اعتادوا الاصطياد في الماء العكر، إن وطناً تنهال عليه أسباب الموت والشقاء كهذا الوطن أحق أن يكرمه حكامه ولو بالقليل من سخاء الملوك حين تدور عليهم الدوائر ويرون أن لا مناص من عدل الله وإنصافه ولو بعد حين، في اليمن سوق للموت له أدواته، وسماسرته، فالفقر والجهل والعنف أصبحت أدوات قديمة للموت وأسباب لا يعدم الناس الوصول إليها ببساطة، لكن أدوات جديدة للموت أصبحت معروضة في هذا السوق كما لو أنها بضائع قابلة للبيع والمقايضة الحزبية ، الطائفية، العرقية العمالة كل هذه أدوات للموت لم تكن موجودة قط في أسواق الموت اليمنية.
يموت المئات من أبناء الوطن منذ عقود طويلة بأمراض مختلفة بعضها ليس له وجود في أي مكان في العالم ، يموتون جوعاً وفقرً ومرضاً وقلة حيلة، يموتون بالسلاح الذي يفوق عددهم، السلاح الذي بدء عادة وانتهى سلوكاً وثقافة بل وعقيدة، سلاح له أسواقه أيضا فالوطن اصبح بازاراً ضخماً للسلاح بكل أشكاله وألوانه.
حكومتنا لاهية في تفصيل أثواب جديدة وترقيع أخرى قديمة ارتداها ويرتديها ديناصورات عملاقة تتمدد بحرارة القرار السياسي وتنكمش ببرودته.
حكومة لا تشبه إلا نفسها ووطن لا يشبه حكومته وطن الكادحين، الغافلين، الصابرين، المستنصرين بالله، وحكومة تشبه قيّماً ظالماً ولي على معشر الأيتام.
فأين السبيل إلى مخرج وقد تشتت الجمع وتمزق الوثاق؟ أيهما وجد قبل الآخر وهو احق بالبقاء، الحكومة أم الوطن؟ نتحدث عن هذا العجز الذي تعانيه حكومتنا كمنبر للشعب، فأين هي من هذا المخطط الذي تنفذ بنوده باستخدام أبناء الشعب وكأنهم ذخيرة؟ وأين هيلمانها وقد أصبحت عاصمة الوطن بين فكي شيطان لا يحتسي إلا الدم؟ عن أي حكومة يتحدث الناس وعن أي وطن ؟ حكمة تبيع أراضي الوطن وأخرى تبيع أرواح أبنائه، وطن يقطنه ملايين المغفلين والمغيبين عن واقعهم ووطن يخيم الناس فيه تحت مظلة الحذر... كلاهما هراء وسفه وخروج على قانون الحكم والاحتكام، فهل هي مخرجات الديمقراطية أن أنها مخلفات السياسة؟ مليون سؤال نتمنى أن نجد الإجابة عنها من هؤلاء الذين يجلسون على مقاعد الحكم والقرار الذين تبيت أعناقهم خاضعة وإرادتهم خانعة.
ألطاف الأهدل
وطن بلا حكومة أم حكومة بلا وطن 1411