لأن السُلطة كوكتيل من المقومات الضرورية فالمال، والوجاهة، والانتماء الحزبي وربما التوجه الديني أو التأصيل العرقي.. كل هذا له علاقة مباشرة وقوية بالسُلطة, بل أن القليل من تلك المقومات قد تجعل للبعض سُلطة مباشرة على فئة أو جماعة أو حزب معين، وهذا ينطبق تماماً على السَلطة كوجبة غذائية لها مكوناتها المختلفة التي يتغير مذاق السَلطة إذا تم استبعاد أحدها، لكن بدون رشة الملح وعصرة الحامض وبعض الخل وزيت الزيتون لا يمكن أن يكتمل المذاق الطيب والفريد للسَلطة كوجبة غذائية صحية لها فوائدها العظيمة للجسم.
إنما في السُلطة "بضم السين" يوجد بدائل للملح والخل والحامض تتمثل في الحكمة والحنكة والعدل، وبدون هذه الأسس الضرورية لا يمكن أن يكون هناك سُلطة (بضم السين) وما يحدث اليوم عبارة عن (سَلطة) (بفتح السين).. سياسة ليس لها أي فوائد بل إن لها أضراراً تمس مستقبل الإنسان اليمني الذي بدا في السنوات الأخيرة خالياً من أي أحاسيس بالذات الإنسانية أو الوطنية، فالمواطن اليمني يشبه إنساناً يتحرك أثناء النوم؛ لا إرادة، لا قرار، إنما إنسان آلي يبحث عن لقمة العيش فقط.
أما ما يتعلق بالطموح والبحث عن مستوى معيشي أفضل وأهداف استراتيجية أو تكتيكية.. كل هذا يأتي في المرتبة العشرين بعد البحث عن لقمة جيدة ومأوى معقول وتغطية شبه كاملة لمتطلبات الأبناء.. ثم يأتي بعدها التفكير في تحقيق حلم معين أو طموح مشروع، لكن ذلك يأتي بعد أن يكون الإنسان اليمني قد استنزف كل ذخيرته البشرية واستنزفها في تحقيق ذلك القدر المعقول من المعيشة بما لا يجعله عُرضة للدين أو الحاجة.
لهذا نقول: إنه لا فرق بين السُلطة التي يملكها حكامنا والسَلطة التي تقدها ربّات البيوت في المنازل، لأنها سلطة لم تحقق عدلاً ولم تنشر مساواة ولم تسعَ لتحقيق السلم الاجتماعي الذي تتحدث عنه أجهزتها الإعلامية ككلمة مطاطة يمكن أن ينطوي مفهومها على تنازلات غير مسؤولة يقدمها من ليس أهلاً لها للإضرار بمن هم أهلها وأحق بها.
إنها مجرد مسرحية استعراضية يلعب بطولتها كبار أو عمالقة لا يستطيعون رؤية الأرض اسفل أقدامهم، لهذا ترى دونهم أشلاء وجماجم ودماء طاهرة لا ذنب لأصحابها إلا أنهم وقفوا أمام من ظنوهم ولاة أمر وأهل ولاية، لا فرق بين سكين تقطع رؤوس البصل ومعدلات تفصل رؤوس الناس عن أجسادهم!.. لا أدري متى ستصبح السلطة مسؤولية ومنبراً للتغيير وتحقيق العدل كيف نتحدث عن السلطة وفينا الجياع والمحرومون والمنتهكون وباكيات الليل ظلماً وجوعاً وقلة حيلة؟!.. عن أي سلطة نتحدث في بلد كل مواطنيه بين مغادر لأرض الوطن ومغادر لدار الحياة الدنيا؟!..
ألطاف الأهدل
لا فرق بين السُلطة والتسلطة عندنا! 1314