يُقال إن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، والحقيقة أن الكثير من القرارات الصعبة والمصيرية في حياتنا تحتاج أيضاً لخطوة واحدة.
ولعل تحريك الإرادة سلباً أو إيجابياً قد يصب لصالح القدرة على اتخاذ القرار أياً كان نوع هذا القرار ومستوى المسؤولية عن اتخاذه.
من الناس من يعجز عن اتخاذ قرارات هامة في حياته لدرجة أن يبقى رهينة لظرف أو موقف معين حتى يتحكم القدر والبيئة المحيطة به وآراء الناس من حوله في هذا القرار ومن ثم يجد نفسه مضطراً لأن يخطو تلك الخطوة المصيرية التي كان يخاف أن يخطوها بمفرده.
الحضارة قرار يجب أن تتخذه شعوب العالم النامي حتى تكون على درجة معقولة من رحابة العيش وسعة الحال، وما نعنيه بالحضارة هنا: كل فكرة خلاقة من شأنها إثراء الكيان الإنساني فكرياً وروحياً ومادياً، نعم، فبعض أفكار العملاقة والعبقرية أثرت الوجود الإنساني وكانت سبباً في تحسين مستوى معيشته.
ولعل وطناً كاليمن هو أحوج ما يكون إلى دعم تلك العقول المضيئة التي تملك أفكاراً نيرة يمكن أن تغير مجرى حياتنا وتؤدي حتماً إلى رفاهيتنا وزيادة مستوى إنتاجنا الحضاري وبالتالي بناء أجيال قوية، ذات إرادة وعزيمة حديدية تستطيع أن تلون حياتها بألوان الإنجاز والإبداع والأمل والإتقان..
اليمن لا يفتقد المبدعين ولا يفتقر للمخترعين وأصحاب الأفكار والرؤى الجادة المتمسكة بالواقع العقائدي والاجتماعي، وإنما يفتقد لأصحاب قرار يستطيعون الاستفادة من أصحاب الطاقات الفذة ويجيدون توجيهها وتصريفها في قنوات خدمية وإبداعية وإنتاجية تصب في منبع الوطن ولأجله فقط عشرات من براءات الاختراع يمكن أن ترى النور ويستفيد منها آلاف الناس بل الملايين منهم، فقط لو أن لنا ومن بيننا أصحاب قرار وطني تعلوهم رؤى إنسانية واضحة ومخلصة، وتسكن قلوبهم نوايا صادقة وبريئة. إن من بين شباب الوطن المبدعين والعباقرة من حملته عبقريته إلى الجنون، ومنهم من حمل صُرة همومه على كتفه تاركاً خلفه وطناً بحجم الألم الذي يسكنه، ومنهم من وصل إلى مرحلة إنكار الذات فإذا به يتلاشى كقطرة ماء على بقعة رمل واسعة.
أبناؤنا يموتون كمداً وحسرة من طاقة تسكنهم ولا مبالاة تسكن العالم من حولهم، فإلى متى يبقى حلم الحضارة بعيداً خلف ألف ميل دون أن تجرؤ أقدامنا على التقدم ولو بخطوة واحدة؟!
ألطاف الأهدل
براءة اختراع..! 1211