على غير الحروب الستة.. تبدو هذه المرة الحرب السابعة التي تدور رحاها في عمران والجوف بين الجيش المدعوم من القبائل من جهة والحوثيين من جهة أخرى، ففي حروب الحوثيين الستة السابقة كانت استراتيجية الحوثي دفاعية أكثر منها هجومية, الأمر الذي تسبب في استنزاف أرواح وعتاد الجيش، فحصاد كل تلك الحروب كان ستين ألف شهيد من الجيش، ناهيك عن آلاف الجرحى، أما العتاد فقد خسر الجيش الكثير ووقع كم لا بأس به من عتاده في يد الحوثي خصوصا في الحرب السادسة، ففي العادة يكون المهاجم أكثر خسارة من المدافع، أما في حرب الحوثيين الحالية فقد تغيرت الاستراتيجية القتالية لهذه الجماعة المارقة من الدفاع إلى الهجوم، بمقابل التحول المشهود في استراتيجية الجيش القتالية من الهجوم إلى الدفاع، دشن الحوثي استراتيجيته الجديدة هذه أثناء حربه التي خاضها عام 2011م في الجوف وحجة، وازدادت تلك الاستراتيجية وضوحاً أثناء الحرب على دماج والتي اُعتبر الهدف الرئيسي من ورائها حماية الحوثي لظهره أثناء تحركاته الهجومية التوسعية خارج صعدة، فكان له ما أراد، حيث طلبت الجماعة السلفية حينها والتي كانت تتخذ من دماج معقلاً مهماً لها من اللجنة الرئاسية مهلة أربعة أيام بلياليهن لخروجها من صعدة، الأمر الذي قوبل من قبل الحوثيين بالترحيب كونه يحقق هدفهم من حربهم تلك التي دامت لأكثر من ثلاثة أشهر، وبرضوخ السلفيين بهذه الطريقة تمكن الحوثي من لملمة صفوفه، وتحرك بعدما صهر كل جبهاته في جبهة واحدة باتجاه حاشد بعمران لمواجهة آل الأحمر غير أن المعارك لم تدم طويلاً فقد تخلى الكثير من مشايخ حاشد عن أولاد الأحمر بمقابل أموال ضخت لهم من أطراف داخلية وخارجية، ليتمكن حينها الحوثي من التحرك باتجاه مدينة عمران بغية إسقاطها تحت مبررات وحجج واهية، الأمر الذي جعل الحوثي يسقط في مستنقع حرب تستنزفه هذه المرة فقد خسر خلال مواجهاته التي يديرها داخل مدينة عمران ما يقرب من ألفي مقاتل ناهيك عن خسائره التي تكبدها في العتاد، فالكثير يعتبرون عمران مقبرة وشيكة ومؤكدة لجماعة الحوثي التي ستدفع بكل قوتها باتجاه عمران، باعتبار أن السيطرة على عمران يعد ضماناً لبقاء سيطرتهم على صعدة، في حال فشل مخطط الانقضاض على صنعاء والذي يعد هدف حملتهم البربرية التي تعثرت في عمران.
ما أتوقعه أن الحوثي لن ينتحر فقط في عمران بل سيوعز إلى من تبقى من أنصاره وبالتعاون مع عناصر من النظام السابق لأن يقوموا بتفجير الوضع داخل العاصمة صنعاء في مخاطرة كبيرة وأخيرة ستعبر إما عن وجودهم القوى والمؤثر أو عن احتراقهم السريع والمدمر، والاحتمال الثاني هو الأقرب للتحقق فبعد أن خسرت الجماعة الكثير في عمران ووجدت نفسها أمام جبهة جديدة أرغمت على دخولها في الجوف وهي جبهة لا يستهان بها حيث سبق للجماعة أن اصطلت بجحيم نارها، وحيث يعد فتح هذه الجبهة بهذه الصورة وفي هذا التوقيت لا هدف من ورائه إلا محاولة دخول صعدة لضرب الحوثي من الخلف، من خلال هذه المعطيات لا يُعتقد أبداً أن تفلح هذه الجماعة في إسقاط العاصمة وهي بهذا الترنح، الذي بدت معه مخططاتها مكشوفة ومرصودة بدقة وباتت قوى الجيش والأمن لها بالمرصاد. أعتقد أن هذه الحرب ستضع عبدالملك الحوثي أمام خيارين أحلاهما مر، فإما أن يسلم نفسه صاغرا وإما أن ينتحر قبل الضربة القاضية التي سيضربها الجيش ومعه رجال قبائل وائلة والجوف داخل صعدة بغية إعادة صعدة إلى السيادة الوطنية. علينا أن نثق بأن الوعيد الذي توعد الله به أولئك الذين سعوا في خراب بيوته بتفجيرها والمتمثل في قوله تعالى: (لهم في الدنيا خزي) كائن لا محالة في القريب العاجل بإذنه جل في علاه فلا يأس ولا قنوط ولا تخاذل والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون..