للحياة طعم أخر في رمضان ,وكل شيء يبدو بقالب مدهش في هذا الشهر الفضيل, إلا أن مخيلتي مطبوعة بمذاق رمضان في شرعب ,لا أدري لماذا؟ أهو كذلك وبهذا الجمال؟ أم أن الطفولة تظل تحمل قيم الوفاء لهذه المنطقة؟ بدءاً من أوقات العصر والحركة التي تتجلى بوضوح في هذا التوقيت والناس الخارجين من صلاة العصر من المسجد والطهر البادي على وجوههم والبسمات توزع هنا وهناك ’وكلمات الأنس ومواعيد الإفطار ,تتخلل أحاديث الناس, نظراتهم تشع نوراً يحتضن البائسين ,وفي كلامهم دفء محبة ,يجعلك تشعر أن الأمل ما زال متوهجاً وان الخير منتشر بشكل كبير, وربما أن هذه المظاهر التي تتجسد في رمضان بين أبناء شرعب ,لسان حالها, الانطلاقة من هنا, انطلاقة البناء..
إن أيام شهر رمضان في شرعب, يطلع كل نهار فيها وكل ليل بمشاعر مختلفة.. إن أيامه تمس القلوب بروح جديد ببركة الأحباب، وبرفق قبل الرحيل، وتجمع أشتات المجتمع وتلملمها في بوتقة واحدة، وتفتح طريق الجماعة أمام المنـزوين فتجد كل الشباب يرتادون المساجد وان كانوا ممن لا يعرفها إلا في رمضان ، وتزيل الغربة عن قلوبهم، وتقدم للجميع وليمة فكر ومشاعر مختلفة الأبعاد- لا أظنها بنفس الدرجة في مناطق أخرى- وتهيؤهم للحياة من جديد, من ينظر بعمق ويتأمل بهدوء ربما ينفذ إلى عمق أجواء شرعب في رمضان ولاشك انه سيجد الفرق وان هذه البلدة تتميز بروح فريد, عن بقية المناطق في رمضان, يتضمخ كل شيء في شهر رمضان بالعطر والنور بدءاً من المجاميع الشبابية الذاهبة إلى المساجد، إلى مصابيح المنازل، إلى الطهر البادي في وجوه المؤمنين، إلى النور في القلوب إلى لحظات التنزه قُبيل المغرب في أجواء شرعب وطقسه الفريد ونسائمه المنعشة للأرواح أما أوقات السحور التي تهبّ عليها نسائم السحر في هذه الأيام التي يسترجع فيها الديـن شبابه- خصوصاً في العشر الأواخر من رمضان- والإفطار الذي يكون مظهراً لألطاف سرية.. فهي أوقات ذات طعم وذات ضياء خاص ولهجة خاصة تخالط القلوب. وفي صلوات التراويح تفور المشاعر وتتصاعد بالرَّوْح والريحان، وتعبّ الأرواح من النفحات الإلهية كؤوسا بعد كؤوس، فإذا بكل واحد -كل حسب درجته- قد انقلب إلى شخص آخر، واقترب من طهر الملائكة, مرتدياً قيم البساطة ومتشرباً لمعاني الجمال ممزوجة برقة لا توصف وحسن يفوق كل شيء, فهل يا ترى هي منّة إلهية خصت بها شرعب, أم هي ببركة أبنائها ,أم أن تاريخ العطاء وجغرافيا المكان تسبق هذا وذاك؟!.
محمد المياحي
رمضان بنكهة شرعبية!! 1577