رغم ما حققه الرئيس عبدربه منصور هادي والقوى المشاركة في المبادرة الخليجية من إنجاز في طريق نقل السلطة والانتقال السياسي ونجاح مؤتمر الحوار الوطني والاستقرار الاقتصادي الذي شهدته اليمن خلال الأعوام 2012م -2013م .. إلا أن هناك العديد من الملفات التي تركت للتوافق ولم تفصح عنها المبادرة الخليجية وأخرى لها صلة بالمؤتمر الشعبي العام الذي توزعت تركته وأعضائه بين مؤيد لهادي وموالٍ لصالح وأثار انعكاس ذلك على مسار التسوية السياسية وأداء حكومة الوفاق الوطني الذي يمثل المؤتمر الشعبي العام نصفها.
رغم دخول المؤتمر الشعبي العام وحلفائها كطرف في المبادرة الخليجية إلا أن تجاذبات بين صالح وهادي جعل منه حزباً وطرفاً بدون مسئولية سياسية.. ولا يمكن وصفه بطرف سياسي بقدر ما يمكن وصفه (بعصابة) حد تعبير الناشط الحقوقي في الثورة الشعبية المحامي خالد الانسي ..يوجه ويدار من قبل الرئيس السابق صالح.
دخل المؤتمر الشعبي العام سريعا قائداً للثورة المضادة وأصبحت كل تصرفاته المتعلقة تجاه المبادرة الخليجية متقمصة حسابات يحسبها صالح, ترك الباب مفتوحاً لحال المؤتمر في تجاذبات بين هادي وصالح اصبح في خطين متوازيين .. وهو ما ازداد من حدة الخلاف الذي ظهر على شكل عراقيل ومعرقلات استهدفت التسوية السياسية خلال مؤتمر الحوار الوطني وعرقلة أداء حومة الوفاق الوطني.. فأغلب من يديرون مؤسسات الدولة جلهم مؤتمر و يدينون بالولاء السياسي لصالح وهو مسار أوقع الحزب في شراك المؤامرة وتبنى خطاباً وإعلاماً معادياً لحكومة الوفاق ويحرض على استهداف مؤسسات الدولة ومؤسستي الجيش والأمن .. وهذا سلوك يراه البعض يقع ضمن دائرة العرقلة والمعرقلين للتسوية السياسية، وهذا يفسر استنفاذ صبر الرئيس هادي فعمد إلى إغلاق قناة اليمن اليوم كمحاولة للإبقاء على ما تبقى من وجه ماء حزب المؤتمر.
في الجانب الأخر وجهت الاتهامات للنظام السابق بانه يقف وراء أعمال العنف الذي تشهدها اليمن من الاغتيالات واستهداف المؤسسة العسكرية والأمنية والمرافق الحية للدولة من ضرب لأبراج نقل الطاقة الكهرباء وتفجير أنابيب النفط وافتعال أزمات المشتقات النفطية وهو ما كبد الدولة خسائر مالية كبيرة ووضع معيشي صعب على المجتمع.
*شبح الانهيار الاقتصادي
يواصل النظام السابق والتحالف؛ الثورة المضادة لعرقلة التغيير في مسارات متعددة في اليمن، وعلى مرأى ومسمع من الدول الراعية للمبادرة الخليجية.. فهي حتى اللحظة لم تشر بوضوح للمعرقلين ولم تطال عقوباتها المعرقلين الذين بات يعرفهم الداخل والخارج.
في سياق ذلك تواجه الحكومة اليمنية مخاوف (شبح الانهيار الاقتصادي)الذي بات يلوح في الأفق خاصة بعد مؤشرات عجز الحكومة عن حل أزمة المشتقات النفطية لأسباب عديدة.
تواجه حكومة الوفاق أزمة اقتصادية خانقة منها ما هو متعلق ببنية النظام الإداري للدولة فيما لازالت منظومة الفساد وعناصر و النظام السابق هي من تدير المؤسسات وتسيطر على 95%من المناصب خاصة تلك الحساسة منها والمتعلقة بالتنمية والموارد المالية والمصرفية والموارد الطبيعية كالنفط والغاز. وتمارس الفساد المالي والإداري بأبشع صوره واكثر من مما كان سابقاً.
*استهداف المصالح الحيوية
مثّل استهداف المصالح الحيوية في اليمن كأبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والغاز وافتعال أزمة المشتقات النفطية, احد الأسباب المهددة بالانهيار الاقتصادي للدولة.. فقد تعرضت خطوط نقل الطاقة في مأرب ومحافظة صنعاء للمئات من الاعتداءات والضرب والذي كلف الدولة مليارات الريالات وملايين الدولارات أيضاً تعرضت أنابيب النفط للعديد من التفجيرات والاعتداءات التخريبية فألحقت خسائر كبيرة كلفت الدولة مئات الملابين وأضرّت بجوانب الحياة المعيشية للمواطنين .. كما كان ملاحظاً أن هذه الأعمال تشتد وتيرتها عند توتر الأوضاع السياسية وقبيل إصدار الرئيس هادي قرارات للتغيير السياسي.. هذه الأعمال التخريبية كلفت الدولة وأحرمت الخزينة العامة من ملايين الدولارات وأظهرت حكومة الوفاق بموقف الضعف وحاولت قوى الثورة المضادة إلصاقها لفشل الثورة.
فقد بلغت الاعتداءات على أبراج الكهرباء خلال العام 2011م (90 )اعتداءً ،و( 122 )اعتداء ً خلال العام 2012م .. فيما بلغت في عام 2013م (142 )اعتداءً, مخلفة إجمالي خسائر (40)مليار ريال.
فيما تشير إحصائيات إلى أن أنابيب النفط تعرضت لحوالي ( 32 )اعتداءً خلال العام 2013م وكشف وزير النفط السابق احمد عبدالله دارس أن الخسائر جراء تخريب أنابيب النفط والغاز بلغت( 4.7 )بليون دولار خلال الثلاث السنوات الماضية ..
وأشار الوزير إلى أن أسباب أزمة المشتقات النفطية الأخيرة تمثلت في عدم وجود سيولة لدى وزارة المالية بسب تعرض أنابيب النفط للتفجير والتخريب ،وعدم قدرة الجهات الحكومية على دفع قيمة المشتقات النفطية.
ماذا لو تم رفع الدعم عن المشتقات النفطية؟
تُلوِّح حكومة الوفاق بعدم قدرتها معالجة أزمة المشتقات النفطية.. وهو ما يعد مؤشراً على الاتجاه الخطأ نحو رفع الدعم عن المشتقات النفطية كخيار الضرورة (قطع الأصبع احسن من قطع اليد)..إلا أن شركاء الوفاق الوطني في الحكومة يحاول كل طرف منها إخلاء مسئولية السياسية عن ذلك ومازال الجميع الحكومة والرئيس هادي يبحثون عن كبش فداء لتنفيذ رفع الدعم.. مبررات اعتبرها العديد من الخبراء ليست كافية لرفع الدعم ودعوا الحكومة والرئيس هادي اتخاذ إجراءات التقشف وإزالة الفساد والحد من تبديد الثروة ووقف الإعفاءات الجمركية ومنع التهرب الضريبي وغيرها من المداخل الاقتصادية كفيلة بمعالجة أزمة المشتقات النفطية.. خيار الضرورة الذي بات بيد الحكومة والرئيس هادي ربما سيكون كبش الفداء الذي يبحثون عنه "الشعب" الذي مازال يرحل إلى الفقر والبطالة.. وسيناريو سيفجر ثورة جياع خارج سيطرة الجميع.. رغم رهان الثورة المضادة على إمكانية استخدام رفع الدعم لقلب نظام الحكم القائم والعودة إلى النظام القديم.. وفيما يبدو أن الأمر سيتجاوز ذلك لانهيار الدولة والمجتمع..
المواطن اليمني غير قادر على تحمل أعباء ذلك وفي رحلة عناء للحصول على رغيف الخبز قصة معناة لم تنتهِ.. مازال سد جوع بطونهم أملاً وحلماً لم تحققه الحكومات المتعاقبة, فكيف سيكون الحال في حال رفع الدعم عن المشتقات النفطية؟, لماذا يجب أن نعيش على المخاوف بين خواء بطوننا وجوع أرواحنا؟.. ألا يستحق المواطن اليمني أن يعيش حياة كريمة خالية من الجوع والعلل؟. ألا يحق له أن يعتاد حياته اليومية دون شظف العيش وقلق الرزق؟..
ليس من العدالة تجريع الملايين فيما 10%تتحكم بالثروة وتعبث بحاضر ومستقبل الأغلبية من اليمنيين!!.
أحمد الضحياني
رفع الدعم عن المشتقات النفطية الكارثة على الجميع 1233