أزمة المشتقات النفطية لعبت دوراً كبيراً في إيقاف عجلة الحياة اليومية, ليس فيما يتعلق بأسلوب المعيشة أو العمل فقط, فالحياة أصبحت مثل شبكة عنكبوت تترابط أطرافها لتبدأ وتنتهي في نقطة واحدة, مؤخراً لوحظ على الزفة الصاخبة التي تخرج في موكب العروسين أنها لا تتعدى أربع أو خمس سيارات, وقد يكون في هذا الموكب فوائد كثيرة من أهمها: عدم إزعاج إسماع الناس وحتى مشاعرهم بمثل هذه المواكب الصاخبة, وأيضاً التخلص من عادة اجتماعية سيئة ما أنزل الله بها من سلطان, كذلك توفير البترول أو الديزل لأن في إنفاقه بهذه الطريقة إسراف لا يرضاه الله.. لكن كل تلك الفوائد لم تكن في نية المفتعلين للأزمة بقدر ما هي نتائج إيجابية لها ينبغي الاستفادة منها في تحسين أسلوب التعايش والتفاعل بين الناس.
من قبل كان انقطاع الكهرباء أيضاً أمراً مزعجاً وربما لا يزال, لكن بعد التزاوج بين الأزمتين (أزمة المشتقات وأزمة الكهرباء) أصبح الشعب مشغولاً بخلق آلية ملائمة للتكيف مع الوضع الجديد حتى لو كان الثمن بعض الحب والذكريات والأماكن واللحظات التي لا تتكرر.
من المؤسف أن يكون الإنسان مضطراً للمجازفة بالكثير مما يملك مقابل القليل مما لا يملك, لكن إذا كان ذلك القليل سبباً من أسباب الحياة فإن المجازفة قد تكون درساً جيداً للاستمرار فيها بشرف, ولعل هذا الشعب الذي نحن أفراده اليوم من الشعوب القليلة التي استوعبته درس المجازفة لتحيا بشرف, وربما كان العيب الوحيد الذي نعانيه هو عجزنا عن ابتكارات خلاقة تساهم في تبديد الضباب الذي يمنعنا رؤية المستقبل.
شعرت بالأسف حين رأيت تلك الزفة المختصرة لفتاة أعرفها بخلت عليها الظروف المادية بحلفة زفاف راقية كما تحب كل الفتيات.
شعرت بإحساسٍ غريب جداً, إذ كيف أصبحت أعراس المدينة مثل جنازات القرى؟... يا الله, ألهذه الدرجة تشابكت أزماتنا وتعاظمت مشاكلنا؟! وكأن تلك المشتقات البترولية ملك لشخص واحد, والكهرباء تركة ورثها فلان من الناس عن أبيه.. كأن وزاراتنا مجرد (دكاكين) لبيع التصريحات والشعارات الفارغة من المعنى, كأن حكومتنا مجرد مجلس (فضفضة, تفرطة, مقيل..) ينصرف كل أفرادها إلى شأنه بعد أن طاف لسانه على كل بيت لكن دون أن يسمعه أحد..
ألطاف الأهدل
زفّة مختصرة جداً 1461