;
ألطاف الأهدل
ألطاف الأهدل

ساق بلا أوراق!! 1567

2014-06-15 18:48:27


للبيت الذي يعيش فيه الإنسان مراحله العمرية الأولى, أثرٌ كبيرٌ في تشكيل شخصيته وتنمية ذوقه واستقراره النفسي وتوازنه الفكري, فتلك السنوات الست التي عشتها في مسقط رأسي الريفي قبل أن أغادر الوطن إلى المملكة لا زالت بالنسبة لي معجماً طبيعياً يمدني بمفردات ونكهات ومناظر علقت في ذاكرتي كما يعلق الموت في جسد الحياة.

فلا زلت أذكر منظر حبات المطر حين ترتطم بالأرض والصخور والشجر ارتطامة قاتلة تنزف بعدها الأودية و أوردة الحقول دماً أبيضاً له رائحة الفتنة والبقاء.

 لا زلت أتذكر نكهة الأعشاب النابتة هناك وهناك, فلكل عشبة نكهة خاصة تختلف عن مثيلاتها في اللون والانتماء الجغرافي. أتذكر مخبز القرية ونكهة الكعك المنبعثة من مدخنته قبل الغروب.. أتذكر التلة الواسعة التي كانت تحتوي منزلنا الصغير بحنان الأمهات.. أتذكر جدتي التي ماتت دون أن تترك لنا صورة واحدة للذكرى.. جدي الذي كان يردد آيات القرآن قائماً وقاعداً ومضطجعاً.. ثريد البن الذي يغمره السمن.. قهوة والدتي بمذاق الزنجبيل اللاذع.. نبات الصبار ذو الأزهار المتراصة بشكلها الجذاب.. ديكنا الجميل ودجاجاته المحتشدات حوله بزهوٍ وغرور.. حمارنا حامل أثقالنا.. بئر القرية ونسائها.. عقارب الجبل وثعابينه.. نعم رأيت أشياءً كثيرة عن قرب لا يستطيع أطفالنا اليوم رؤيتها إلا على شاشة التلفاز وشتان بين أن تكون في أرض الحدث أو مستمعاً لما حدث.

 تلك البيئة الرحبة الجميلة شكلت شخصيتي ومنحتني الإحساس بالأشياء الجميلة من حولي, وجعلتني أكثر قدرة على التمييز بين الأصل والصورة؛ لهذا أعشق المنازل ذات الأفنية, وأحب الأشجار والأعشاب والأزهار البرية, أحب الأواني الفخارية وأحترم الأبقار لأنها من أكثر الحيوانات عطاءً ووداً وتفاعلاً مع احتياجات الإنسان الريفي.

ولهذا أيضاً أنصح الآباء والأمهات بأخذ أطفالهم إلى نزهات خارجية حيث الأشجار والصخور والرمال والحيوانات التي تكمل سلسلة البقاء الإنساني.

وإذا عدنا إلى الفطرة الإنسانية فإن في التكوين البيولوجي للإنسان ميلٌ للجذور وعودة للأصول الطبيعية من ماء وطين وهواء ونور..

كل ما في الطبيعة من جمال تعكسه تلك الروح الجميلة للإنسان الريفي البسيط, بعكس إنسان المدينة الذي تتحول روحه إلى ركام من الإسمنت والخرسانة والحديد حتى ينسى تماماً جذوره الطبيعية بعد الانتماء الإجباري الذي فرضته عليه المدنية خلف جدران المنازل الخالية من الجمال اللهم إلا في لوحة معلقة قائمة بلا ساق ولا أوراق ولا رائحة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد