تقول قاعدة التغيير: بأن الحاضر امتداد للماضي مالم يحدث تغيُّر ، وحاضرنا مازال امتداداً للنظام السابق بكل سماته وركائزه وأعرافه، وعلي رأس هذه الأعراف في إدارة الدولة بالمراضاة وبالأزمات ، والتشجيع وبصورة كبيرة في تحويل خيارات العنف الديني إلى خيارات جذابة وابتزازية، فضلاً عن دور هذا التراجع في تحويل لغة تنظيم القاعدة والجماعة الحوثية إلى لغة قادرة على إقناع الشباب المتديِّن في مجتمع يمتلك السلاح ، وتتفشَّى فيه الأمية الرهيبة وخاصة في أرياف اليمن ،وإذا أضفنا بأن الفقر والبطالة يعشش في ربوع اليمن ،وحمل السلاح ، وهذه عوامل خطيرة تساعد علي تجنيد الكثير من أبناء المجتمع باسم الدين وغيره كأدوات رخيصة للجماعات المسلحة التي تحمل مشاريع العنف، إن ما تفرضه المسؤولية الإسلامية والإنسانية والوطنية على كل القوى اليمنية هو أن تتضافر الجهود لمقاومة وردع وإقناع جماعات العنف المسلح وخاصة الحوثيين المتحالف مع صالح أن يسلموا سلاح الدولة، ويتحولوا إلى العمل السياسي السلمي، والتخلي عن مشروع فرض التسلط المذهبي على المجتمع الصعدي وغيره بقوة السلاح ،والتحرر من أوهام العودة إلى حكم الإمامة باسم المذهب ،ومن الخطأ الكارثي أن تتورط بعض النخب المثقفة والتي كنا نظنها ثورية في التعامل مع ظاهرة بناء الإمارات وفرض التسلط المذهبي الحوثي بقوة السلاح ولم نسمع اعتراضاً على تدمير المساجد ودُور تعليم القرآن وهدم البيوت والمقرات وكأن هؤلاء معهم معايير مزدوجة. ومحاولة محاباة طرف من الظاهرة ،ويجب أن نعترف بأن سياسات النظام التدميرية السابقة وضعتنا اليوم أمام تحدٍ خطير لا ينبغي التعامل معه بروح مذهبية طائفية ،أو التعامل بمنطق الحسابات الضيقة ،ولا بالمعايير التي تفرضها أجندة الممول الخارجي والسفريات إلى طهران ،فهذه المرحلة لم يعد مجدياً فيها الاكتفاء بالإشارة إلى دور سياسات النظام المتهالك في إيجاد هذه الظاهرة ، فضلاً عن كون الحديث عن دور سياسات النظام في تهيئة المناخات الخاصة لنمو هذه الظاهرة ،وهذا لا يعني تجاهل الأسباب الخاصة الداخلية والخارجية التي ساهمت في إيجاد الظاهرة أننا أصبحنا اليوم أمام أمر واقع يجب أن نتعامل مع تحدياته بمسؤولية دينية ووطنية وإنسانية ،وثورة 11فبراير أتاحت فرصة التحديث والتغير عبر مخرجات الحوار الوطني التي تمثل خارطة الطريق ،وقاسم مشترك لكل اليمنيين للتحول إلى دولة المؤسسات الحديثة، وما يحدث من حروب القاعدة في الجنوب والحوثيين في الشمال ما هو إلا جزء من مشروع عرقلة تنفيذ مخرجات الحوار، ومنع الانتقال إلى الدولة المدنية الاتحادية دولة النظام والقانون, والله الموفق.
محمد سيف عبدالله
الوطنية والتحديات الراهنة 1231