منذ عقود مضت كانت العائلات الممتدة هي الأيقونة الاجتماعية التي تنشأ على أساسها بنية المجتمعات المحلية، ويترتب على وجودها أيضا بقاء تلك الشبكة الأفقية من العلاقات الأسرية الناجحة والقائمة على أساس أبوي يجعل لكل أسرة كبيراً له علاقة مباشرة مع كبير العائلة الذي يشكّل بدوره مرجعية نافذة تتوقف عليها سلطة العائلة ومكانتها.. وأما ما يتعلق بمجتمع اليوم فالأمر يختلف تماما.. فلقد أصبحت العلاقات الأسرية مستقلة عن كير العائلة، كما أنها تفتقد للترابط فيما بينها البين، وهي عرضة لمتغيرات ثقافية تحاول أن تجعل من الفرد محكاً لبناء مجتمع جديد لا تلعب فيه علاقة القربى وصلة الرحم أي دور يذكر اللهم إلا في مواسم معينة.
إن اتساع الرقعة العمرانية واختلاف وسائل الدخل، وانتشار التعليم، وما طرأ على الأدوار الاجتماعية للرجل والمرأة من متغيرات.. كل هذا وأسباب أخرى عديدة جعل من مجتمع اليوم مجتمعا مفككا على مستوى السلطة الأبوية العائلية.. أما فيما يتعلق بالعلاقات الأسرية على مستوى أدنى من هرم العلاقات العائلية فإن الأسباب تبدو أخلاقيه أكثر وذات صلة مباشرة بعملية التنشئة السلوكية وما يتخللها اليوم من تدخلات مفروضة للإعلام بشكل عام ولتكنولوجيا التواصل الاجتماعي بشكل خاص. مع الأخذ بعين الاعتبار الأدوار المفقودة لصناع القرار وأئمة المساجد والمعلمون في المدارس، فقد أصبح من الصعب تحديد الأسباب التي جعلت هذه المنابر التربوية تصلى درجة الشلل الكلي نتيجة لترابط مصالحها وتشابك علاقاتها مع قنوات أخرى سياسية وغير سياسية تتحدث باسمها وتنظر من خلال جوهرها. لهذا نتحدث عن بيوت كثيرة جدا في مجتمع اليوم وصلت حد الوهن الذي تتحدث عنه القرآن في سورة العنكبوت من خلال قوله تعالى (وإن اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كان يعلمون) سورة العنكبوت آية (41) والمقصود بهذه الآيات نوع العلاقات التي ستود بين أفراد الأسرة فمن المعروف أن العنكبوت تقدم بالتهام شريك حياتها بعد أول عملية تزاوج بينهما وهذا هو حال أفراد الأسر اليوم فالكبار من الأبناء يأكلون حقوق الصغار فيها، والذكور يتسلطون على الإناث منها..
وهكذا يتضح أهمية وجود سلطة أبوية تبقى كصمام أمان للإبقاء على التوازن بين الأفراد فيكل عائلة. لقد أفسدت الحضارة كثيرا حين اعتمدت مسألة التجديد على مستوى الفرد، فقد غسلت ذاكرته تماما من أي ما ض يمكن أن يعيد له الرغبة في الانتماء.
ألطاف الأهدل
اوهن البيوت.. 1187