أيام قلائل تفصلنا عن عيد الحب وما من حب! إذ كيف نتحدث عن حبٍ لا يملأ قلوبنا رحمة وعقولنا حكمة؟! وكيف نتحدث عن حبٍ لم ينهِ ظالمنا أو يأمر عاصينا؟! وهل أضحت هذه المشاعر فينا قابلة للسمسرة والتبعية والاستعراض والحيلة؟ ! هل أصبح للحب مفهوم آخر أو لم نستطع إدراك وجوده؟!
أم تراني فقط من لا يشعر بالحب في ظل مجتمع لا يعرف أن للحب وجوه كثيرة؟! مجتمع لا يعرف أن الابتسامة حب والمعروف حب والنظافة حب والصدق حب, والوفاء والوطنية والإخلاص والأناقة والأدب والهدوء حب, كل هذا هو الحب الذي نفتقده طوال العام فما عساهم يقدمون للحب في يوم وليلة؟!
لو أن الحب الذي نعرفه موجود في مجتمعنا لرضينا أن نقرب قلوبنا له قرباناً, لكن الحب الذي نعرفه وننشده ونبحث عنه كالباحث عن الماء في قفر لا يعرفه مجتمعنا, فكيف نتغنى بالحب في غياب الحب؟!!
أين هو الحب في مجتمع يسوده العقوق والعصيان ونكران الجميل؟! أين هو الحب في مجتمع مسلح, متأبط للشر والثأر والانتقام؟! أين هو الحب في مجتمع يسوده الحسد لدرجة أن يتسابق فيه الناس تسابقاً محموماً على الفتات؟َ! ما لون هذا الحب وكيف هي سمته؟! أي حب لا يدفع بالجار ليعود لجاره إذا مرض يواسيه إذا خزن ويشد أزره إذا كانت الشدائد والمصائب؟!
عن أي حب تتحدثون أيها الجيل الحر, المنفتح, الباحث عن السراب؟!
إن لم يكن الحب حسن المعاملة ولين الجانب ودماثة الخلق فماذا يمكن أن يكون؟! هل الحب قلوب حمراء تزين أرجاء المنزل (دباديب) و (دمى) حمراء وأحذية وفساتين سهرة وحقائب...؟! من المبكر جداَ على هذا الشعب أن يتحدث عن الحب وهو لا زال يلقي بمخلفات المنازل على الأرصفة, ويبصق على الأرصفة, ويبيع الكتب المدرسية على الأرصفة, وينام على الأرصفة.. ليس هذا هو الوقت الملائم للحب أيها الجيل الذي لا يفهم المعنى الحقيقي للحب.
وإذا كان الحب يعني لديكم يوماً من كل عام فعلى الدنيا السلام!
ما الذي يمكن إنجازه من مهام إن لم يكن للحب بمعناه الشامل كامن في قلوبكم وعقولكم.. بالطبع لا شيء يمكن إنجازه على مستوى الفرد أو الجماعة إن لم يكن للحب سلطان على الجميع, هذا السلطان هو من يجمع ويوحد ويقوي الشوكة ويسند الصف ويرفع الإرادة بأعمدة الولاء والعطاء والوفاء والإيثار.
ولو أن مثل هذه المعاني وجدت فيما بيننا لما كان لدينا الحاجة لنثور أو نثير الزوابع أو نقتتل فيما بيننا. لو أننا كنا نعرف الحب لاجتمعنا على قلب رجلٍ واحد و لسألنا الله مسألة عبدٍ ضعيف.. لكن لله في خلقه شؤون!.
ألطاف الأهدل
ماذا عن من لا يعرف الحب؟! 1966