عدن المدينة المبتسمة والثغر الباسم على الدوام.. كنت فيها للمرة الثانية اليوم.. زرتها لأول مرة في عام 2004م عشر سنوات مرت.. هي عمر لطفلة لأول مرة أراها.. وهي تسند ظهرها البحر.. تشبك أناملها بحس مرهف وقد أحاطت بها ركبتها اليمنى.. في جلسة تفكير نادرة.. وأثار طلاء الحناء العدني على أظافرها وأصابعها الناعمة والرقيقة.. وشجيرات الخضاب المخطوط المنساب على يديها يتوسطه سوار ذهبي يتوهج ويلمع كلما صادفت أشعة الشمس مكانه.. وملحفة عدنية حديثة بطراز فريد من نوعه على رأسها.. الذي لا أعرف لون شعره..
وتنساب برخاوة على ذراعيها. .حائلة بذلك دون إظهار تفاصيل قدها.. وعن بعد تنتصب خلفها قلعة صيرة.. وما بينهما اخترقت خيوط مشعة لشمس الشروق ..وبدت زاهية متمايلة بألوان عديدة.. لم أستطع أميز أكثرها بهاء كان اللونين الأبيض والأزرق.. البارزان عليها.. كان الوجه يتمايل(ملائكي _قمري)يشع بنوره الوضاء.. ينتصب وسطه الأنف المترفع قليلاً بتعالٍ.. والعينان النجلاوان تبوح بإحساس مرهف يسرق المشاعر ويستظلان بأهداب كثيفة.. وحاجبين مقوسين ..والشفتان الليماوان ترسمان ابتسامة جالكسية غامضة.. تسرق عقل الناظر من نظرتها الواثقة..
كل ذلك يوهم المتمعن فيها أنها تريد أن تهمس بسر دفين حرصت على كتمانه لسنوات!!! كانت طفلة فأصبحت فتاة في مقتبل العمر.. عيناها المرسومة في ذاكرتي مرآة لواقع إنساني يكسر طبيعة الشجن المندوح في إحساس الروح.. فحينما تضيع في دهاليز وأزقة المدن وسحر الأماكن لا شك أنك ستذهب إلى مرفأ ترسوا إليه في نهاية المطاف.. عدن جاوزت سحر الأماكن ..كانت طفلة! وأصبحت فتاة في مقتبل العمر!! إنها صاحبت الوقت وبنت الزمان!.
أحمد الضحياني
عدن..صاحبة الوقت وبنت الزمان 1318