دائماً أتمنى معرفة تلك الوجوه الخفية التي تسعى بكل ما أوتيت من طاقة لشرٍ في داخلها لتأجيج النار بين أفراد المجتمع .
وقد تكون لها أهدافها الخاصة غير ما نراه من أهداف واضحة أهمها زعزعة الأمن والسكينة الاجتماعية والقضاء على الثقة بصناع القرار واتخاذ متارس فكرية عمياء أبعد ما تكون عن المنطق والحكمة.
أتوق إلى معرفة الحقيقة المدبرة لقتل أبناءنا في الشرطة وسواهم من حماة الوطن في السبعين ومن كان على استعداد للتضحية بنفسه وماله وولده في أكثر من ثغره داخل الوطن وخارجه. أيضاً أتمنى أن أعرف الحقيقة الكامنة خلف التفجيرات المتسلسلة في مختلف أرجاء الوطن ومن يقف خلفها من أعداء الله وأعداء الإنسانية.
وفي كل مرة أسمع فيها عن اختطاف طفل أو قتل رجل مهما كانت رتبته الوظيفية أو مكانته الاجتماعية.
أتمنى أن أعرف الدوافع والأسباب التي تدعو تلك الثلة المفسدة على القيام بمثل هذه الأفعال المنافية للقيم الإنسانية والحدود الربانية.
والحقيقة أننا نظل على أمل كبير بأن يضمن الدستور الجديد فرصة قوية لبناء مجتمع جديد تسوده سلطة القانون وتتحكم في تنظيم العلاقات بين أفراده مبادئ وقيم تشريعية نافذة تسري على الكبير منا قبل الصغير ويحترمها الغني والفقير.
الخلل الذي نعانيه بين سلطة العرف وسلطة القانون لا يمكن إصلاحه خلال فترة وجيزة.
وإنما قد يحتاج الأمر إلى سنوات طويلة في ظل رقابة تشريعية وتنفيذية صارمة، بالإضافة إلى برامج توعوية شاملة تحاكي احتياجات كل شريحة من شرائح المجتمع دون استثناء أو تهميش. إن ما يجعل مجتمعات أخرى في جميع أنحاء العالم مجتمعات ناجحة وراقية وملتزمة باحترام الكيان المجتمعي والهوية المحلية هو القدرة على تطبيق القانون الذي سيجعل أهل الاختصاص أقدر على معرفة الحقيقة بكل تفاصيلها وما الذي يجعل إنساناً من عنيفاً وجامحا إلى درجة التمرد على القوانين والأعراف والعادات المحلية.
ولا يتوقف الأمر في تلك المجتمعات على السرعة في اكتشاف الخلل وتحديد العقوبة فقط وإنما يتجاوز الأمر كل هذه الخطوات ليتحول إلى قانون معالج وذلك بالتركيز على إعادة تأهيل الأشخاص المتجاوزين للحدود القانونية بعد تقييم سلوكياتهم وتحديد الـ (عقاب الدوائي) الملائم لهم.
وقد يتم الاستفادة من كل طاقة كامنة في هذه الشريحة بحيث يتم أيضا تفريغ العقل اللاواعي من مضمون سلبي معتم هو المسئول عن سلوكيات الأمس وهو المسئول أيضاً عن ما سيكون في الغد.
وعلى هذا فنحن بحاجة إلى التأسيس لدستور اجتماعي متمكن فلا سلام اجتماعي بدون وجود سلطة قانونية متحكمة وقادرة على الضبط والمحاسبة, وعندها سيكون من السهل قراءة تفاصيل الواقع الاجتماعي وتحديد الأسباب الكامنة خلف الجرائم المرتكبة فيه.
ألطاف الأهدل
متى سنعرف الحقيقة؟ 1307