لم تكد الساعة الأخيرة من فجر الله المحرم من العام الهجري 1425 تؤذننا بالوداع والانصراف حتى فجعت الأمة المسلمة..
ففي الساعات الأولى من فجر يوم الاثنين 22/3/2004م بجريمة شنعاء وحاقدة يقوم بها العدو الصهيوني مستهدفاً علماً من أعلام الجهاد, ورمزاً من رموز المقاومة الفلسطينية الأبية... إنه الشيخ المجاهد/ أحمد إسماعيل ياسين -تقبله الله في عداد الشهداء وجمعنا به في جنة الخلد- ..آمين ..
لقد شهد تاريخ الحروب, أن الأعداء يفرحون لنجاح عملية التصفية لخصومهم وخاصة إذا كانوا من هذا النوع الذى أذاق عدوه الويلات وأقض مضجعه وحول ليله إلى نهار ونهاره إلى وليل..
لقد كان الشيخ/ أحمد ياسين من هذا النوع بلا شك ولا ريب.. بل إنه كان يمثل طرازاً فريداً بل نادراً في هذا المضمار..
إن اغتيال الشهيد المجاهد/ أحمد ياسين أو أي قيادي حمساوي وفلسطيني ليعد حجة تاريخية ظاهرها أنها عليهم لا لهم.
لقد شاء الله -عز وجل- آنذاك أن يري الأمة بهذا النموذج المقعد المشلول أنها لا تزال متأخرة عن تقديم حتى ما يصدق عليه أنه أضعف الإيمان ..وما يندرج فقط تحت الاستطاعة المطلوبة شرعاً.. فهل آن الأوان لهذه الأمة أن تستجلب بمختلف فئاتها.. بهذه الحال من الضعف والتخاذل نصرة الله لها ؟ وهل هي مؤهلة لأن يحقق الله النصر على يديها ؟.
إننا نامل ونتمنى ونرجو أن يسارع القادة من الحكام والعلماء إلى الوقوف إلى جانب المقاومة الإسلامية حماس لا الوقوف ضدها وتضيق الخناق عليها ولا إعانة المحتل والغرب للقضاء عليها وتصنيفها من ضمن الجماعات الإرهابية. كم تنادي بذلك خادم الغربيتين (أمريكا وإسرائيل)وإلى جوارها الإمارات المتفسخة والمنحلة على شواطئ وفنادق دبي.. مهبط العهر الأخلاقي.. لتغطية انقلاب مصر العسكري في اتهامات باطلة وكاذبة لا تمت للصحة لا من قريب ولا من بعيد..
إننا نأمل ونرجو ونتمنى أن يجعلوا من ذكرى اغتيال المجاهد وغيره حجة لهم أن المقاومة الفلسطينية قد أصبح لها من الأثر والقوة ما يجعل العدو يلجأ إلى مغامرات ووسائل من العيار الثقيل, رغبة في كسر هذا النفوذ المتزايد وتخفيف الضغط النفسي والسياسي الذي يواجهه في داخل الكيان الصهيوني وخارجه..
لقد قدم الشيخ/ أحمد ياسين نموذجاً فريداً في الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني الذى انفرط عقده وتناثرت حبات حركاته في هذه الأيام استجابة للمحاولات المتكررة من قبل الدولة الصهيونية لإثارة الصراع الدموي بين فصائل المقاومة ..وبين حركة حماس وحركة فتح ..
إن الشيخ أحمد ياسين لم يكن داعياً لمجد شخصي.. أو مسوقاً لمشروع حزب أو متاجر بقضية وطنية كما هو حال الكثيرين من المحسوبين اليوم على القضية الفلسطينية وهم يبيعونها بالمزاد العلني في سوق النخاسين..
بل إن الشيخ/ أحمد ياسين كان داعية إلى استرداد حق مغتصب مسلوب..
إن جريمة اغتيال الشيخ/ أحمد ياسين وجريمة اغتيال قادة حماس المدنيين والعسكريين وما اغتيال ثلاثة من جنود حماس الأسبوع الماضي عنا ببعيد فقد كشف سوءة سيسي مصر وعاهل السعودية وحاكم الإمارات وفضح تبعيتهم لأمريكا وخدمتهم لهم على حساب إخوانهم المسلمين ..وجعل من قممهم قمم للقادة الأقزام بدلاً من أن تكون قمة للقادة الكبار..
إن هؤلاء القادة لم يستطيعوا أن يتخذوا قرارات صائبة لصالح أمتهم في حال السلم.. فما بالك بأحوال الحرب والأزمات والمفاجئات.. بل يستطيعون اتخاذ قرارات شجاعة وينفذوها ضد بعضهم كما فعلت السعودية والإمارات والبحرين ضد قطر العروبة.. أسوداً على إخوانهم.. نعامات يدسون رؤوسهم في التراب أمام عدوهم.. وما قضية إعدام الشهيد/ صدام حسين إلا وصمة عار في جبينهم لا تنسى.. وما انقلاب مصر العسكري وسجن الزعيم المناضل والجسور- محمد مرسي عنهم ببعيد فهي تعد وصمة عار أخرى في جبين هذه الأمة التي تنال أوسمة العار كل عام.. وما وسام عار هذا العام إلا ما اتخذته بلاد صهيون العرب من قرار في ضم الإخوان المسلمين إلى قائمة الإرهاب وضمن الجماعات المحضورة..-تعال الله عما يقولون علواً كبيراً-.
لكن سيدفعون الثمن كما دفعه الأولون: بن علي, وحسني, ومن بعدهم القذافي والمخلوع, صالح وها هو بشار على مشارف النهاية.. فقد أهلك الله اﻷوليين ..وسيتبعهم الأخرين
فرحمك الله أيها الشهيد المجاهد ورفع درجاتك ودرجات المجاهدين الصادقين وسيخرج الله –لنا بإذنه- من تلاميذك ومحبيك من يحرر المسجد الأقصى المبارك من دنس اليهود الغاصبين والمنافقين والعملاء..
"وإن وعد الله حق فلا تغرنَّكم الحياة الدنيا.. ولا يغرنكم بالله الغرور".
عبد الوارث الراشدي
ذكرى اغتيال الشهيد أحمد ياسين والتكالب على غزة 1448