نفتقد في واقعنا المهني لذلك الذوق الراقي والرائع الذي يميز المنتج التسويقي بعد الخروج بالشكل النهائي من دائرة الإنتاج الفعلي، وسواءً كان المنتج خدمة أو سلعة فلا زال الوقت مبكراً على تذييل منتجاتنا بجملة (صنع في اليمن)، فعلى سبيل المثال تخلو منتجاتنا الغذائية من الجودة الصحية لأنها عبارة عن أغذية مصنعة من الموارد الخام المستوردة من الخارج بكميات كبيرة وجاهزة للاستهلاك المفرط، وبالإضافة لذلك أيضاً فإن الذوق في تقديم هذه المواد الغذائية قاصر جداً، فليس لدينا سياسة تصنيع المواد الغذائية ذات طابع الاستهلاك اليومي وإن كان سعرها مرتفعاً ما دامت ذات مواصفات صحية عالية.
ناهيك عن الذوق في إخراج القالب الذي يحوي هذه المواد، فهو بحاجة للتعديل وفق مخرجات الفرز والتصميم التكنولوجية الحديثة، في مجال الأقمشة والخياطة المحلية أيضاً هناك ذوقيات كثيرة قاصرة، فالألوان والموديلات وتنظيف القطع المخيطة من الداخل والخارج لازال يحمل الطابع المحلي الرديء في الأداء والعرض والتقديم والقدرة على تلبية رغبات المستهلك، فالمجتمع اليوم لم يعد ذلك المجتمع الذي يتبع سياسة الـ(حاصل) أو يسير وفق مبدأ (مشي حالك)، مجتمع اليوم وصل إلى درجة عالية من الذوق الاستهلاكي، خاصة بعد أن أصبح التلفزيون والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مجالاً لقراءة ثقافة المجتمعات الأخرى بكل ما فيها من جيد وقبيح، ولا مجال لمقارنة الذوق المحلي اليوم بما كان عليه بالأمس، غير أنه لم يصل بعد لمرحلة الذوق الرفيع لصناعات محلية أخرى لبلدان مجاورة قد لا تختلف إمكاناتها الصناعية عن إمكاناتنا هنا في اليمن، فالمنتجات السورية مثلاً وغيرها المصرية وكذلك الأردنية تعد من المنتجات الإقليمية الرائدة التي تلبي احتياجات المستهلك عبر دراسة الذوق العام والسائد لإنسان اليوم الذي لا يسمح معدل دخله الشهري بالحصول على منتجات عالمية مثالية الصنع لكنها ذات طبيعة استهلاكية خاصة ومحدودة.
جامعات ومعاهد ومعامل ومراكز اليوم يجب أن تسعى لتوفير مواد ومعلمين مختصين بتدريس الذوق الاستهلاكي الملائم للثقافة المحلية والغير بعيد عن المواكبة والتطور العالمي، فلم يعد مجدياً الاستمرار في تقديم بعض المناهج التطبيقية بطريقة نظرية جافة لا تخدم التخصصات الديناميكية التي ترتكز على الذوق والإثارة وتنبيه الحواس لدى شريحة المستهلكين للخدمة أو السلعة التي تنتجها هذه التخصصات، والتركيز على تطوير الأداء الأكاديمي سينعكس إيجاباً على نسبة الاستهلاك والاعتراف بالمنتج المحلي والاعتماد عليه في تنشيط السوق المحلية الخاملة، خاصة وأن لدينا من المواد الخام والأولية ما يمكن الاعتماد عليه لجذب اهتمام المستهلك في الداخل والخارج.
ألطاف الأهدل
الذوق المهني..لامجال للمقارنة 1407