نسمع كل يوم عن جرائم ومخالفات لا حصر لها في مجتمع لا زال في دائرة السلطة الأبوية والقانون المجتمعي، فما هي الأسباب التي تدفع بالبعض لارتكاب مثل هذه الجرائم والمخالفات؟ ولماذا بقيت تلك الفجوة قائمة بين القانون والتشريع؟ في الحقيقة يبدوا أننا بحاجة لقانون آخر يستطيع سد الثغرات القائمة في قانون الأمس ويوضح لنا إجابة لسؤال آخر نطرحه كثيراً في مواقف إجبارية مختلفة:
أيهما يدعم وجود الآخر وبقاءه، القانون المحلي أم القانون التشريعي؟ وبمعنى آخر هل يستطيع القانون الموضوع تحييد العادات والتقاليد والتركيز على متغيرات اجتماعية كثيرة يجب تأطيرها وتنظيمها قانونياً؟.
لا تختلف عن مجتمعات كثيرة تستهلك ثقافات الآخرين كما تستهلك ثرواتها في الوقت الذي تفشل فيه عن تحقيق تنمية مستدامة باستثمار حجم الاحتياج الخدمي والمعرفي والحافظ على الأصول التنموية سواءً كانت مواداً خام أو طاقات بشرية يمكن توظيفها في مجالات فكرية مختلفة أكثر إبداعاً، لكن ما دور القانون في البقاء على تلك الثروات الطبيعية أو الطاقات البشرية؟!
القانون هو الصولجان الذي نستطيع من خلاله الحصول على فرص تنمية متكافئة على مستوى الفرد والوطن على السواء, فاستقرار الفرد يعني بالضرورة استقرار المجتمع، وحصول الفرد على فرص جيدة للإنتاج والعطاء والإبداع لا يعني إلا وجود فكرة مجتمعية واحدة تتمحور حولها خطط وأهداف كثيرة لا يمكن تحقيقها إلا وفق رؤية موحدة.
فالمستوى الثقافي المتدني الذي يعيشه الجانب الفكري في الوطن يعود إلى انتشار حركة فكرية ثقافية هابطة ومتداولة وبعيدة عن عين الرقيب وترأسها أقلام غير قادرة على التجديد والمواكبة الإيجابية فهي تقوم على تحليل الواقع وفق رؤاها القاصرة، بل وربما تراه وفق سيناريوهاتها المفبركة والموصومة بالسفة والعجرفة، فكيف يمكن العثور على تلك الحلقة المفقودة بين التشريع والقانون من جهة وواجهة اجتماعية عابثة من جهة أخرى؟.. لاشك أن تلك الحلقة سقطت عن سلسلة التحولات الثقافية والاجتماعية الحادثة في المجتمع والتي جرفت في طريقها مجموعة كبيرة من القيم والمعتقدات التي بقيت لفترة طويلة سنداً قوياً لدعم القانون البسيط غير المعقد الذي ساد في فترة زمنية محددة.
إن القانون الذي نتحدث عن وجوده كضرورة ملحة من شأنها إصلاح الخلل القائم في المجتمع اليوم لا يعمل فقط على تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع في حقوق وواجبات واضحة ومؤطرة بالصواب، إنما نتحدث عن قانون يتعامل مع انتهاكات حقوق الآخرين كخطأ يستحق التقويم ليجتهد في تأديب وتأهيل كل متهاون بالحقوق والواجبات عبر مؤسسات أخلاقية يسعى من خلالها إلى انتهاج سياسة تنظيف المجتمع تدريجياً من مثل أولئك العابثين بأنفسهم وأنفس الناس أيضاً، لذا يبقى القانون هو الحل حتى لو لم يستطع الوصول إلى نتيجة تتم فيها المواجهة بين القوى المتحكمة في سياق الحدث الاجتماعي وسلطة القانون الذي يخلو من ثغرات تخدم النُخبة وتسحق ما تبقى من الناس.
يبقى القانون هو المخرج من متاهة الاحتكام إلى فلسفات عبثية تحاول اجترار الماضي وبصق الحاضر والبقاء في فقاعة السلطة القبلية.
ألطاف الأهدل
هل يبقى القانون هو الحل؟ 1457