;
ألطاف الأهدل
ألطاف الأهدل

جُدران حارتنا 1265

2014-03-02 10:24:26


لعل جدار من جدران منازلنا وجهان لعملة واحدة, فما تحمله جدران منازلنا من الداخل لا يشبه ما تحمله من الخارج لكنها تبقى شيئاً واحداً لا يتجزأ.
على جدار كل بيت يطل على أرصفة الحي نكتب شيئاً عن حياتنا, إما أن نهنئ أو نقدم العزاء, وكلاهما أمرّ من الآخر بعد أن أصبح من كل حارة شهيد ومن كل حيٍ فقيد, وفي نفس اللحظة وليدة أو وليد!
مثل دفاترنا القديمة أصبحت جدران حوارينا, فها هي تقص على القادم إلينا تاريخاً من الصعب أن يقرأه في كتاب أثري أو منشور سياحي.
تلك الأحجار الصماء التي لا تتحدث إلا لغة واحدة هي اليوم شريط سينمائي ناطق ومظاهرة لشعارات تتحدث بها قلوبنا قبل ألسنتنا وبقايا أمل يعيش في نفوسنا ليموت كل يوم على جدران حارتنا..
الفرح والحزن, السعادة والشقاء, اليأس والأمل, الضحك والبكاء..
مشاعر مصورة تضج بها جدران المدينة الباكية, وتنضج بها زواياها الغافية على قارعة الطرق المتفرقة صوب الشمال والجنوب, فالسبيل إلى وطنٍ واحد ما عادت آمنة, وبعضنا يتربص ببعض أهله وأحبائه دون أن يشعر, فالنار لا بصر لها ولا بصيرة, والبنادق التي فغرت أفواهها بالأمس لتحدث بعض الفوضى والدهشة أصابت من وقفوا أمامها أو خلفها ولم تميز بين الطيب والخبيث, حتى جدران حارتنا لم تسلم رصاصات طائشة شوهت معالمها وحطمت أركانها لتبيت مثلنا حزينة باكية.
 لا شيء يشبهنا مثلها, تلك الشامخة حولنا مثل سدٍ منيع هي الصفحات الأخيرة من قصة ثورة بدأت بحق وانتهت بباطل, لكن الأمل لا ينضب من أرواح لا تعرف إلا السلام والولاء والحب الكبير.
 تلك الجدران في انتباهتها تشبه ولي الأمر الذي يسهر على أمن واستقرار رعيته, لكن ولأنها مقيدة فهي تحتضن أحبائها برضاها وتخفي أعداءها خلفها رغماً عنها, جدران تحمي انتماءها لنا أكثر مما نحمي انتماءنا لها, وكأن قلوبنا بلغت من القسوة مالم تبلغه تلك الجدران الصماء, وكل شيء أصبح يشبه بعضه بعد ملحمة وطنية لكل شيء فيها صوت إلا نحن!
حارتنا, أجمل مفردة اجتماعية يمكن أن تتغنى بها شفاهنا ونحن ندندن كل صباح على باب الله سائلين إياه الرحمة والغفران في ترنيمة (يالله.. يالله) اليمانية التي ترددها جدراننا خلفنا بصمت دون أن يكون لها شفاه.. بيننا وبين تلك الجدران قصص وحكايات (وعشرة عمر طويلة) وبيننا وبينها (عيش وملح) في أفراح وأحزان عشناها معاً, فهي من تحمل أنوار الزنية حين نحتفل بعيد أو عرس أو انتصار, وهي أيضاً من حملت صور من فارقونا قبل الأوان, حملت جدراننا هذا أو ذاك دون أن تشتكي أو تئن أو تسقط, اللهم إلا عندما كانت تطالها يد القدر التي استقوت على الضعفاء فقط وتركت الأقوياء في مأمن من كل شيء إلا مكر الله (والله خير الماكرين) آل عمران آية (54).

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد