تماما كما أصبحت تعز تعاني من شحة الماء أصبحت تعاني أيضاً من شحة الحب والتعاون والألفة وحسن المجوره, وكما أصبحت تعاني من تلوث هوائها أصبحت تعاني من تلوث عقول سكانها بالعنف والتطرف وبيع القيم بابخس الأثمان وأحقرها, وكما أصبحت شوراعها مرتعا للكلاب والقطط ومختلف أنواع الحشرات الطائرة والزاحفة والمرئية منها وغير المرئية أصبحت تعاني أيضاً من أكوام الحقد والحسد والغل والانتقام في كل زاوية من زواياها.
فيا أيها المتعطشون لتطبيق مبادئ الحرية والتغيير والقضاء على الفساد, يا أصحاب الشرارة الثورية, يا من رفضتم الذل وتمردتم على الظلم وطالبتم بالعيش تحت مظلة العدالة الإنسانية أبدءوا بأنفسكم.
أولاً , وامسحوا على رأس اليتيمة وتعز بيد الإرادة والعزيمة, فصفعة تتلقها تعز من النظام , ركله يتحملها جسدها الهزيل من أرباب التطرف, وطعنة يتعمدها المتطرفون أن تطال قلبها المشحون بالحب ,وتعز لا تزال صابرة , ثائرة, باحثة عن غد جميل يملاء أراضيها الفسحة أملاً وسعادة. فكفوا عن التعصب, وتراجعوا عن التكالب حول مائدة الغدر والخيانة فالقاتل والمقتول في النار, وتعز لا تستحق أن تدنس أثوابها الطاهرة بدماء أبنائها الزكية , سواء منهم البار به أو العاصي له. تعز أم اليمن التي لم تجل بالعطاء في كل مرة تئن فيها جنبات الوطن. فأبناء تعز مثل ملح الطعام لا تخلو منهم أي محافظة من محافظات اليمن. أيها المتمرسون حول خاصرة القاهرة وعلى رأس صبر وعلى شوارع المدينة وتلال الريف وما الذي يمكن أن تصنعه البندقية لو عجز القلم؟ وهل يمكن أن يكون الموت دواء للألم؟ هناك ما يمكن أن تصلحه يد الأيام وتمحوه فرشاة النسيان , فأكوام القمامة يمكن أن تزول و متارس الموت يمكن أن تُمحى وكلاب السكك يمكن أن تموت... ولكن ماذا عنك أنت ؟ نعم أنت أيها الثائر المستبسل الحر المتمرد على الظلم الباحث عن العدالة والمساواة هل تستحق منك ثورتك أن تلوثها بما تصنع يداك اليوم؟ هل تستحق منك ثورتك أن تجعلها مستنقعا يسعى المتضررون من قيامها إلى ردمها بكل ما أوتوا من قوة. تعز الثورة, والثورة تعز, فهل رخصت تعز ورخصت ثورتها لديك, أتمنى أن يهب كل شباب تعز هبة رجل واحد ليغيروا ملامح واقع لا يقبلونه ولا يقبله لكن بالقلم والعقل والإرادة الجماعية والتي تعمل أكثر مما تقول وتنجز أكثر مما تخطط وتتفوق على كل حلم رخيص يتمنى أصحابه أن يكون حقيقة لتبقى تعز تلك اليتيمة في ساحة الذئاب على كل جزء من جسدها أثر ناب.
ألطاف الأهدل
تعز اليتيمة... 1387