يُستخدم القانون للضبط وفرض المراقبة وفق لوائحه الخاصة بالآلية المباشرة في التعامل مع حدث أو مساحة أو شخص معين، لكن يبدو أننا من أكثر الشعوب تنظيراً للفوضى والانفلات لأننا مبدعون في صياغة القوانين الخالية من المضمون التطبيقي وفقاً للعرف السائد في التعامل مع القوانين.
إننا لا نرى فيها إلا مرجعية مؤقتة لمواقف محددة لا تخدم إلا البعض القليل بين بعض كثير لا يجد من يناصره حين تقوم ضده قائمة البطش الإنساني، القانون في اليمن آخر المتكلمين؛ لأنه آخر الحلول الذي يأتي غالباَ بعد فوات الأوان.
فالقبيلة هي صاحبة القرار، والعُرف هو النص التراجيدي الذي يقرأه الناس باسمَين، ويطبقونه راضين ويرضخون له خاضعين، وكأننا لا زلنا أولئك البدو الرحل الذين لا تفصل بين خيامهم إلا حظائر الجمال، أتحدث في قانون اللاجئين الذين أصبحوا ظاهرة لا ينبغي السكوت عنها بعد أن أصبحوا أدوات رخيصة في أيدي تجار الرق، الذين يبيعون البشر كما تباع الماشية، أولئك الذين امتهنوا بيع الأعضاء والأعراض، أو الذين وجدوا في هذه البطالة الواردة باباً من أبواب الرذيلة الأخلاقية فتحته سياسات الأنظمة العربية ولن يكون المسؤول عن إغلاقه إلا هي.
أتحدث عن أحد اللاجئين الصومال الذي اختطف طفلاً يمنياً سالباً إياه إحدى كليتيه، وعن النساء السوريات اللاتي يشكين فظاظة البعض من المتطفلين الذين لا يخافون الله ولا يخشون عذابه.. أين هو قانون اللاجئين من هؤلاء؟ وهل من حق اللاجئ أن يتجاوز المساحة الجغرافية التي يحددها الوطن المستضيف؟ وهل عملت حكومة اليمن على إيجاد مساحة آمنة ومناسبة لهؤلاء الضيوف الذين جارت عليهم أوطانهم وظلمتهم سياسة أنظمتهم؟ أم أننا يجب أن نعترف أن اليمن بأكمله مخيم مفتوح للاجئي العالم القريب والبعيد؟.
أعتقد أن هذه هي الحقيقة، فاليمن كوطن تحكمه العادات والتقاليد لا يستطيع أن يمنع ضيفاً من الولوج إلى أراضيه، خاصة حين يكون هذا الضيف من وطن قريب له علينا حق المجورة والإجارة معاً.
لكن المشكلة حين تتحول هذه العادات والتقاليد والأعراف إلى حاكم رسمي، لدرجة أن يصبح القانون مجرد عقد عُرفي بين الشعب والحكومة، نعم فكثير من قوانيننا مجمد ة في (فريزر) العُرف السائد، ومع هذا يجب أن تفتح الحكومة أعينها على هذه الظاهرة الخطرة، وتتنبه أن هؤلاء الأغراب عن المجتمع يمكن أن تطالهم يد الاستغلال في الداخل أو الخارج على السواء.
ومن المعروف أن مجتمعنا اليمني لا ينقصه أي نوع من البلايا والرزايا ومصائب الشعب والحكام, ولعلي أذكر هنا بيتاً من قصيدة أبي فراس الحمداني التي يصف فيها الحُمى قائلاً:
أبنتَ الدهر, عندي كل بنتٍ فكيف وصلتِ أنت من الزحامِ
ولعل حياتنا فعلاً صارت مزدحمة بحمى الفوضى ولا ينقصها أي فوضى جديدة تتشرب إلينا بفعل تهميش دور القانون في ضبط الظواهر وتأطيرها.
ألطاف الأهدل
اللاجئون إلى اليمن.. 1648