تتعدد الموضات وتختلف الصرعات لتصل إلى درجة الدهشة والغرابة والخروج عن المألوف أحياناً.. لكن في كل الأحوال قد يكون من المفيد مراعاة التناغم بين ما نحب وما يتوافق مع المجتمع الذي نحن جزء منه, فلا شك أن هذا المجتمع هو البيئة التي تحمي من الانسياق أو الشطط؛ لأننا نحيا فيها ضمن ميثاق سلوكي قوي ومرن في نفس الوقت.. ولا يتوقف الأمر في موضوع الموضة وصرعاتها المختلفة على ما يرتديه الناس من أثواب أو أحذية أو ما يميلون إليه من طرق التصفيف الخاصة بالشعر أو التطيب والتزين بالزينة الخفيفة والمحبوبة طوال النهار وفي كل مكان.. وفي آخر صرعات الموضة لفت نظري لجوء البعض إلى استخدام ألفاظ ومسميات مقتبسة عن أفلام أو مسلسلات مشهورة من تلك المدبلجة التي دبلجت حياتنا معها وقادتنا إلى هاوية التقليد والتبعية بكل ما تعني الكلمة من معنى, فبقدر ما نحن بحاجة إلى (ترويض) مشاعرنا من وقتٍ لآخر إلا أنه لا يجب أن نتعامل مع هذه المشاعر وكأنها جزء مستقل عنا, فنحن مشاعرنا ومشاعرنا هي نحن, (اتركني من شان الله...) جملة مقتبسة من تلك المسلسلات المدبلجة أطلقتها إحدى المهمشات في قاعة المحكمة وهي تطالب زوجها بالطلاق أمام القاضي والشهود, وحين رفض الزوج تطليقها أسرعت نحوه مهرولة لتلقنه درساً تطبيقياً في الاستجابة لمطالبها, أمسك أحد الشهود بالزوجة لمنعها من الاعتداء على زوجها الذي بدا ساكناً ومندهشاَ ومتعجباً من موقف الزوجة, فأخذت تصرخ وتطلق كلمات كتلك التي ذكرتها وأكثر مثل (أنا ما فيني أعيش معك...), يبدو أن الزوجة عاشت الدور بكل تفاصيله بينما لا زال الزوج خارج نطاق التغطية.. وهكذا إلى أن اقسم القاضي أن هذه الفتاة التي لم تتجاوز العشرين فقدت عقلها أو أنها ستفقده عما قريب جراء الإدمان على مشاهدة مثل هذه المسلسلات وإسقاط إحداثها على الواقع.. والأمر لا ينحصر على هذه الفتاة المهمشة بل هو عام وشامل لدرجة أن إحدى الزوجات وهي معلمة في مدرسة حكومية تشكو من شحة العاطفة لدى الزوج متنهدة: (تصوري يا أستاذة أنه عمره ما اشترى لي وردة... وعمره ما عمل لي مفاجأة...) فسألتها على الفور وماذا عنك أنت هل اشتريتِ له وردة؟ أو أدخلت السرور على قلبه بأي مفاجأة؟! فأجابت متعجبة: لا طبعاً المفروض هو الذي يفعل هذا ولست أنا, حتى في المسلسلات الرجل هو الذي يبدأ وليست المرأة!
الشاهد في الأمر أننا أصبحنا نصبغ مشاعرنا بصبغة الآخرين, فهل هذه هي أخر موضة لتسويق المشاعر؟!.
ألطاف الأهدل
آخر موضة..!! 1559