البيوت التي تسكنها كل أنواع الفوضى وكل وسائل الإزعاج, لا يمكن أن تكون مكاناً ملائماً للحب والاستقرار والإبداع، فالحب يحتاج إلى السكون والطمأنينة لنستطيع سماعهُ بين جوانحنا هاتفاً بالوصل والقبول.
للحب لغة ومفردات غاية في الرقة والرفاهة, ومن لا يستطيع الإنصات لها واستقرار معانيها لن يستطيع أن يفهم المعنى الحقيقي للحب، الاستقرار والهدوء والسكينة أيضاً هي من أسباب الإبداع والإتقان في العمل أياً كان نوع هذا العمل، وعدم توفر الأجواء المناسبة لكل ذلك قد تؤدي إلى مشاكل كبيرة لا يمكن تخيلها.
الإنسان مخلوق راقٍ وطاهر، وما خلقه الله إلا في أجواء طاهرة هناك فوق سبع سماوات وبنفخة من روح الله تلك امتدت الحياة في الجسد الطين ووصل إلى ما وصل إليه اليوم, من عطاء وإبداع وتفرد، والمكان الأول لاستقبال وإرسال إشارات الذكاء والنبوغ عند أطفالنا وعندنا أيضاً هو المنزل، من هنا كانت الضرورة ملحة لبقاء هذا المنزل بعيداً عن كل أنواع الفوضى ومسببات الإزعاج.
الهدوء للمنزل سبب قوي من أسباب ظهور الشخصية السوية والناضجة لدى الأبناء، لذا يجب تطهير منازلنا من الفوضى التي تحدثها وجهات النظر المتفاوتة بين الأبوين من جهة وبينها وبين الأبناء من جهة أخرى، ترتفع شكوى الكثير من الأبناء فيما يخص الآلية التي يتبعها الأبوين في التفاهم والإصغاء لبعضهما البعض، حتى يتساءل أحد الأبناء في جلسة حوار هادئة معي كأخصائية قائلاً: ما دامت القصة ستنتهي بدخولهما إلى حجرة النوم معاً ما الجدوى إذاً من إحداث تلك الزوبعة المخيفة التي جعلتني وأختي غير قادرين على التركيز والاستذكار؟ وهو طبعاً محق فيما يقول، فما دام الأمر لا يستحق كل هذه الفوضى ، وما دام رابط الحب بين الأبوين قوياً بما يكفي لبقائهما تحت سقف واحد ما الحاجة إذاً لمثل هذه الزوبعة المؤرقة لمشاعر الأبناء؟!.. وهذه الطريقة الوحيدة لإحداث الفوضى وإرباك الأجواء العامة داخل المنزل، فبعض الأمهات والآباء يبدأ بالصراخ منذ أن يطأ عتبة المنزل وحتى يغادرها، بعض ربات البيوت أيضاً يتفاعلن أثناء غسل الأطباق لدرجة أن الجالس في أي حجرة يعتقد أن حرباً قامت بين ربة البيت وأطباقها وهذه واحدة من مسببات الفوضى أيضاً لا تستطيع أن نقول أنها مجرد عادة.
حضور الأصدقاء المستمر لأحد الأبوين أو كلاهما يكون مصدر إزعاج وفوضى للأبناء، بالإضافة إلى أنه يصرف الأبوين المنزلية كثيرة، وأسبابها عديدة، لكن من المهم أن ندرك أننا كآباء وأمهات من أكبر المسببين للفوضى وحتى لا تصبح الحياة أكثرت تعقيداً أهدأوا واستمتعوا بمفردات الحب التي تترنم بها قلوبكم.. فقط كونوا أكثر سكينة لتكونوا أكثر ألفة.
ألطاف الأهدل
لتكونوا أكثر ألفة 1533