حين تصفو النفس وتتعاطف مع الآخرين وتخلص النية.. فإنها تمنح الجسم مزيداً من القوة والمتعة.. قد يتساءل المرء: ما علاقة فعل الخير بجرثومة تدخل جسم الإنسان؟, وما علاقة فعل الخير بالأمراض المستعصية التي تصيب البشر؟.
إن مساعدة الناس تجلب للإنسان فوائد نفسية وجسدية, وإن الدماغ إضافة إلى وضيفته في التفكير والمحاكاة والتذكر و..إلخ, فإنه يقوم بوظيفة حماية الجسم من الأمراض, ولن يستطيع الاضطلاع بهذه الوظيفة إلا إذا كان على إحساس بغيره من الناس.. وإن الدماغ يتغذى على صداقة الأصدقاء ومحبة الأحباب, هذا ما يقوله خبراء وعلماء من مراكز الاستقصاء والأبحاث التابعة لبعض الجامعات العريقة في العالم.
ثروة عظمية اسمها "مساعدة الغير":
تبين للباحثين أن الإحساس بالدفء الناشئ عن صنع المعروف ربما كان من مادة (الاندورفين) وهو القاتل الطبيعي للآلام ومركزه الدماغ، وبهذه المادة التي تفرز بتأثير الدماغ يتميز الإنسان عن الحيوان المحروم من الميل إلى إسداء العون لسواه من الحيوانات.. وأن صنع المعروف ربما كان مفيداً للجملة المناعية والمنظومة العصبية في الجسم وهي التي تقاوم جراثيم العدوى.. وأن خلايا الدم التي تؤلف الجملة المناعية لها حساسية تجاه المواد الكيميائية التي ينتجها الدماغ..
ومن تحصيل الحاصل فإن فعل الخير ومساعدة المحتاجين مثل الفقراء والمساكين والأرامل ممن يعانون من الفاقة وشظف العيش، يبعد الإنسان عن الشخصية العدوانية ويجعله أقرب إلى حب الناس والتعاون معهم.. كما أن تقديم المساعدة المادية والمعنوية للمحتاجين وفعل الخير يهدئ الأعصاب ويقلل الهياج ويؤدي إلى نقص مستوى الكولسترول في الدم ويخفف الآم الصدر.
قال تعالى: (وإذا مرضت فهو يشفين):
لقد أثبتت نتائج الدراسات أن معظم الأزمات القلبية وبعض الأمراض إنما يقع الإنسان فريستها عقب توتر نفسي شديد كالاكتئاب وحالات القلق المزعج الذي يصيب كثيراً من الناس نتيجة ضعف مقاومة الجسم ومناعته.
"داووا مرضاكم بالصدقات":
من المؤكد أن النتائج التي توصلت إليها دراسات العلماء والباحثين تستدعي إلى الذهن الحديث النبوي الشريف:( حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقات واستقبلوا البلاء بالدعاء), وبخاصة الفقرة المتعلقة بمداواة المرض بالصدقة.
الحض على فعل الخير:
لربما يأتي يوم يصف لنا الطبيب, إضافة إلى المسكنات والمهدئات العصبية والمضادات الحيوية, قليلاً من الأعمال الإنسانية وأعمال البر والإحسان مثل كفالة اليتيم ومساعدة العجزة أو إماطة الأذى عن الطريق أو التصدق على الفقراء والمساكين سراً أو علناً.. يقول الشاعر:
الخير يبقى وإن طال الزمان به .. والشر أخبث ما أبقيت من زاد
وهنا لا بد من الإشارة وتوجيه اسمى عبارات الشكر والثناء والعرفان لكثير من موظفي الدولة إداريين أو فنيين, وخاصة في المرافق الخدمية وبعض المكاتب والوزرات والمصالح الحكومية في عموم محافظات الجمهورية ومدنها وقراها, والذين يتحلون بالأخلاق والتواضع ويتمتعون بقدر كبير من النزاهة والمصداقية ويقدمون المساعدة لأي مواطن بحاجة للمساعدة بتذليل الصعوبات والعراقيل في معاملات المواطنين أو الموظفين ممن هم بحاجة لتلك المساعدة ودون مقابل مادي أو واسطة, مقارنة بالقلة من الموظفين الفاسدين والذين يقابلون أي مواطن لديه معاملة بوجوه عابسة متجهمة ويضعون العراقيل والصعوبات أمام المواطن البسيط أو الموظف الغير قادر على الدفع لإنجاز وإتمام معاملته.. نتيجة تفشي ظاهرة الفساد في بلادنا وبعض البلدان العربية والإسلامية المتخلفة هؤلاء الفاسدون يعيشون على ابتزاز الآخرين والتطفل والنصب على المواطن, أي مواطن, دون مراعاة ظروف الآخرين ودون مبالاة أو خوف من الله.