لن نختلف إذا ما همسنا في (أُذوننا) أننا شعب لا يعرف عن الإدارة شيئاً، وإن عرفنا لا نعمل بها, لأن قيم الفيد والأخذ واللف والدوران وعدم الوضوح و.. إلخ تسيطر علينا، فأكبر خبير يمني في الإدارة إذا ما تولى منصباً عاد إلى القيم المذكورة أعلاه ونسي ما تعلمه, أو بالأصح تركه جانباً.. 99% من مسئولينا لا يفقهون في الإدارة شيئاً, هذا إلى جانب غياب الشفافية في أعمالهم وهذه هي الميزة السيئة التي عرفت عن مسئولينا إقليمياً ودولياً..
في اعتقادي أن عدم الشفافية سببه ضعف شخصياتهم أمام (المادة), وربما لفقرهم النفسي وانحدارهم من أسر عاشت الفقر والحرمان, وربما بسبب ضعف وازعهم الديني وضعف حبهم للوطن, وربما لهشاشة قيمهم الوطنية والإنسانية, وربما وربما.. أهم شيء أن مسئولينا لا علاقة لهم بالإدارة ولا بالشفافية.
ما قرأته مؤخراً في لقاء صحفي مع السفيرة البريطانية الجديدة باليمن (جين ماريوت) في صحيفة الثورة بتاريخ 3/10/2013م (أنهم أي المانحين "أصدقائنا" جادون في إنشاء مكتب تنفيذي لاستيعاب فلوس المانحين بقيادة "هادي لاب", خبير إداري تونسي, يكون المكتب مسئولاً عن تطبيق معيار الشفافية في تصريف التعهدات التي ستأتي وفقاً لرؤية وخطط هذا المكتب, وسيجعل المانحين يضخون التعهدات التي وعدوا بها)..
هذا الكلام فيه إشارة واضحةً واتهام أوضح بغياب الشفافية, وما قالته بالحرف الواحد: (إن غياب الآلية الواضحة لتنفيذ المشاريع المستهدفة إنشاؤها بهذه المبالغ وما تتطلبه هذه المهمة من شفافية كاملة حول مخارج ومسارات هذه النفقات, وهل هي من مسارها الصحيح وفق ما خطط لها).
يتردد المانحون من ضخ الأموال وينقضون وعدهم ويتلكأون والسبب نحن.. مسئولون لا يمتلكون رؤيةً حديثة لوضع مشروعات قابلة للتنفيذ بآليات تضمن الإنجاز وتمنع الفساد.. هذا يعني أنهم لا يعرفون احتياجات وطنهم!.. أليس لدينا خبراء في مجال صياغة المشاريع الاقتصادية، السياسية وغيرها؟.. إذاً أنزلوا المشاريع لمنافسات يشارك فيها الخبراء من الشباب والمختصين, وبالتالي يسمح للآخرين بالعمل والإدارة ووضع الرؤى والآليات، فعقليات السبعينيات لا يمكن أنت تدير الوطن بنفس الأسلوب العتيق (شطارةً وتفيد وعدم شفافية).
العالم لا يثق في قدرة (أبو أيمن) على استيعاب فلوس المانحين، ولا يثق في شفافيتنا، أليست كارثة؟.. لأن السلطة دأبت وعلى مدى عقود على وضع الرجل غير المناسب في المنصب الذي يستحقه آخر أكثر تأهيلاً وأكثر خبرة وشفافية, لكنه بعيد عن مركز اتخاذ القرار.. إلى أن أصبح الوضع كما ترون وكما يراه المانحون الذين يقولون لنا (نحن أوصياء عليكم وبفلوسنا التي نخشى أن تذهب في متاهات الفساد, نبني لكم وطناً جيداً, ولأنكم أقل كفاءة وأقل نزاهة وأقل شفافية فالمكتب التنفيذي هو من سيتولى تصريف أموال المانحين وحتى تعرفوا أن نهاية الفهلوة كارثية)..
لست غاضبة على ما سيقوم به المانحون, لأنه نتيجة طبيعية لسوء أعمالنا.. وإذا لم يتنحَ جيل الفاسدين عن السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية صدقوني لن تقوم لهذا الوطن قائمة.. أناس تأطر تفكيرهم بالفساد وعدم القدرة على الإبداع أو التميز, أو حتى الاجتهاد, كيف نوليهم أمرنا؟.
أخيراً اسمحوا لأبناء الطبقة الفقيرة, المؤهلين ذوي القدرات الخلاقة, الذين ما زالت عقولهم طرية ونقية ونفوسهم محبة للوطن وللخير, بأن يشاركوا في بناء الوطن.. لقد نفذ رصيد الفاسدين وأبنائهم.
محاسن الحواتي
إنها الكارثة.. ولكن!! 1438