كنت دوماً أقول "أيش" فيها لو تعد دورات في بناء القادة السياسيين في كليات متخصصة قبل توليهم أي مهام أو مناصب، مثلاً أعضاء الحكومة لو ينظمون في دروات لتأهيل القادة لمدة شهر أو اكثر يتلقون خلالها علوماً في الإدارة الحديثة، إدارة الوقت، إدارة الموارد وصونها، فن التخاطب، فن الإصغاء، اتخاذ القرار ودراسة الآراء والأفكار، فن بناء العلاقات، فن الحد من الفساد و.. إلخ بمعنى لو كل واحد من أعضاء الحكومة ونوابهم تعلم مثل هذه الفنون التي تساهم في بناء شخصياتهم والله لما كان حالنا كما ترون لا يسر عدواً ولا صديقاً..
تخيلوا وزيراً لا يستمع لأحد سوى نفسه وآخر يشتم بالبذاءات يميناً ويساراً ولا يحترم فريق عمله وثالث يتخذ قراراً ثم يتراجع عنه وهكذا في كل مرة ورابع يعبث بمقدرات المصلحة ويروج للفساد وخامس صفر في الإدارة و100% في الفوضى، وهكذا... هذه هي أوضاع حكومتنا وإذا سألتهم قالوا "أصلاً" هي محاصصة, إذن فليأتي كل فريق بأجود ما عنده وليس بأسوأ ما لديه لأن الشعب لا ذنب له في هذا العبث الحكومي الذي ما ترك ذرة أمل في الناس.
إن بناء القادة قضية محورية ولا بد منها لأننها نفتقد لرجالات الدولة بالمعنى الحقيقي سواء في السلطة أو في المعارضة, وإذا وجدنا رجل دولة بقيمٍ عالية ووطنية حقة تمسكنا به كأنه نبي حت يتم التخلص منه بالطرق اليمنية المعروفة .. نحن بحاجة إلى نخبة سياسية نظيفة وقوية.
أحدهم أقترح أن يكون هناك تقرير عن حالة القيادات السياسية والعسكرية ((الحالة الصحية)) يعرض على الشعب حتى يعرف من هم حكامه وما بهم ومن أمراض ومشكلات صحية ومدى سلامة قدراتهم النفسية والعقلية .. الفكرة إيجابية لو كنا في بلد آخر غير اليمن, لكنا جميعاً في هذا الوطن (أمراض) من أمراض سوء التغذية إلى أمراض الدم والكبد والحمى بمختلف أنواعها والسرطانات والأورام و ... إلخ فكيف نطالب الرئيس والحكومة وقادة الجيش لتقرير بتقرير عن حالتهم الصحية وقدراتهم النفسية والعقلية؟
الحل أنهم يحسّنوا الخدمات الصحية وتكون مجاناً وليت لو يكون هناك ضمان صحي لكل مواطن يمني, أما مسئولينا فليذهبوا سنوياً للفحوصات الطبية في الخارج ولتبقى التقارير الطبية بعيدة عن الصحافة .. حتى يبقوا في كراسيهم أطول فترة ممكنة .. ولاداعي لنشر غسيل الفحوصات, شفانا الله جميعاً.
عودة إلى بناء القادة وكيف هي ضرورة أن يكونوا قدوة في الأداء والعمل المنظم والتخطيط , فالقائد تخلقه الظروف المحيطة وتصقله التجربة, فالقيادة الشجاعة تتبنى وطناً أقوى وتثمر أينما كانت ويمكن الاستشهاد بالعقل ((مهاتير محمد)) وب ((مانديلا)) وب ((جمال عبدالناصر)) وب ((المهاتما غاندي)) و..... غيرهم.
نحن بحاجة إلى أكاديمية لبناء القادة الكبار ولصناعة القادة الصغار لبناء اليمن الجديد برؤى جديدة.. وكما تعلمون أفضل رجالات الدولة تم اغتيالهم والقلة الموجودة عليها أن تعلم الجيل الجديد كيفك يكونوا رجالات دولة معتدين بأنفسهم, فخورين بوطنيتهم فالروح الانهزامية لدى الفاسدين أخرت اليمن كثيراً ودمرت مقدراته.