اطلعت على تقرير مالي وإداري عن فساد بعض رموز النظام السابق الذين عاقبهم الله في الدنيا قبل الآخرة وآخرين مازالوا يفسدون.. لا أدري كيف صرت حقودة تجاه كل الفاسدين, ففي الوقت الذي كان المواطن يبحث عن لقمة عيش وعمل يقيه شر السؤال, كان هؤلاء يسرقون المال العام, وبكل وقاحة يرقصون على أشلاء الفقراء, يعربدون فوق آلام الشعب.. شعور قاتل ينتابك عندما تعرف أن أحد المحافظين استلم مبلغاً لبناء مستشفى في المحافظة لعل وعسى يجد الناس الدواء والعلاج في مكان قريب لا يكلفهم السفر.. المحافظ الذي مازال محافظاً بنى المستشفى في ممر السايله!.. جاءت أمطار قوية هدمت المستشفى وانتهى المشروع.. الغلط من الكفار الذين يرمون بأموالهم في طريق السبيل.
ومما يجعلك تصرخ من الغيظ, مسئول كبير دخلت ميزانية مكافحة الإرهاب لسنوات مضت (التي ضختها أمريكا) إلى حسابه الخاص, ولا من حسيب ولا من رقيب إلا الله.. وآخر كان وزيراً للصحة يأخذ قرضاً لشراء معدات طبية لمستشفى السبعين, وفعلاً يقوم بالشراء وتدخل المعدات المخازن (بغير المواصفات), وبعد فترة قصيرة تحترق المعدات بمس كهربائي!!.. ولا تحقيق ولا يحزنون!.
الآن عرفتم لماذا كان ينبغي أن تقوم الثورة قبل عشرين سنة أيام ما كان الكيلو بطاط بريال والروتي مجاناً.. جاءت الثورة الشبابية متأخرة جداً, وبعد مجيئها لم تؤت أكلها حتى الآن, فالتقرير يشير إلى أن الذين سرقوا المال العام وهربوه إلى أرصدتهم بالخارج مازالوا في السلطة وفي الحوار وقلة هم من أقعدهم الله وجازاهم في الدنيا قبل الآخرة.
وفي الوقت الذي يبحث فيه المواطن عن حبة (برمول) وعن مستشفى يزيل أوجاعه وعن مغذي ينقذ حياته, كان المسئول الكبير يسرق قيمة مستشفى!!.. يااااه كيف هم بشعون ووحوش..
أتمنى على الجهات التي أعدت التقرير أن تنشره, لأن إمكانية محاكمة هؤلاء الفاسدين غير واردة, فقط نتركهم لأرحم الراحمين الذي لا تضيع عنده مثقال ذرة في الأرض أو في السماء..
عندما تقرأ تقريراً كهذا, مبالغ كبيرة وبالدولار, تدخل حسابات خاصة تحت مسمى مشاريع تنموية يتم التحايل عليها مع المقاولين والمهندسين, تدرك أن مسئولينا كانوا بلا ضمائر, بلا وطنية, بلا إنسانية, كانوا أكثر خيانة للوطن.. أكثر خيانة للشعب, وأنهم لا يحترمون الشعب اليمني ولم يخدموه أبداً, وكان ينبغي عدم التستر عليهم, بل الكتابة عن فسادهم وحجم ثرواتهم وعن قيمهم المنحلة التي سمحت لهم بالسرقات المهولة, قاصدين إفقار الشعب وإذلاله وتركه في حالة جوع دائم وبحث متواصل عن عمل, لقمة عيش, بيت للإيجار, علاج, ربطة قات.. إلخ.
إننا نطالب بإعادة الأموال المنهوبة والتي أودعت في البنوك الغربية, أو تلك التي تم ادخارها في عقارات, شركات, أسهم, وغيرها.. لابد من حصرها ومتابعة عودتها لهذا الشعب, يكفي حرمان, يكفي استخفاف.. إنهم أضعف من أن يحموا أنفسهم وأقل شجاعة من إرادة شعب ظُلم كثيراً وما زال مظلوماً.. لقد أدمن مسئولونا الاستخفاف بالشعب, وصاروا يجيدون هذا الفن.
محاسن الحواتي
فن الاستخفاف 1476