يقول سبحانه وتعالى:{وَأَقِيمُواْالصَّلاَةَوَآتُواْالزَّكَاةَوَمَاتُقَدِّمُواْلأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (110) سورة البقرة، وقال سبحانه:{مَّثَل الَّذِينَ يُنفِقُونَ أ مْوَالَهُمْ فِي سَبِيل اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِل فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (261) سورة البقرة..
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صل ى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
إن الصيام يدعو إلى إطعام الجائع وإعطاء المسكين وإتحاف الفقير, وشهر رمضان موسما للمتصدقين وفرصة سانحة للباذلين والمعطين:
الله أعــطاك فابـــذل من عطيتــــه فالمال عارية والــعـــمـــر رحـــال المــال كالمــاء إن تحبس سواقــــيه يأسن وإن يجري عـذب منــه سلسال, ما أجمل البذل وما أحسن الصدقة وما أجل العطاء!!
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((إن لله ملكين يناديان في كل صباح يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا))، كلما أنفق العبد أخلف الله عليه يبسطه في الجسم وراحة في البال وسعة في الرزق، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((الصدقة تطفئ ا لخطيئة كما يطفئ ا لماء النار))، والخطايا لها حرارة في القلوب واشتعال في النفوس ونار موقدة فيا لحياة، ولا يطفئ هذه ا لحرارة والاشتعال إلا الصدقة، والصدقة باردة على القلب طيبة على الروح، تحت الخطايا حتا.
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، حتى يقضى بين الناس))، عجيب! جد عجيب، للصدقة ظل وارف ولها أفياء يتظلل في ظلها العباد يوم القيامة، وكل بحسب ظله الذي أنتجته صدقته في الدنيا، كان عثمان بن عفان رضي الله عنه صاحب مال وعنده ثراء، فجعل ماله وثراءه في مرضاة ربه تبارك وتعالى، جهز جيش تبوك واشترى بئر رومة للمسلمين، وتصدق وأعطى ولسوف يرضى، وكان عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه غنيا موسرا، فتصدق مرة واحدة بحمل سبعمائة جمل على فقراء المدينة ليكافئه الله على ما فعل، ففي الناس صائم لا يجد كسرة خبز ولا مذقة لبن ولا حفنة تمر، وفي الناس صائم لا يجد بيتا يؤويه ولا مركبا يحمله ولا صاحبا يواسيه، وفي الناس صائم لا يجد ما يفطر به أو يتسحر عليه، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من فطر صائما كان له مثلاً جره دون أن ينقص من أجر الصائم شيئا))..
والصالحون يزيد كرمهم في رمضان، فيبذلون ويعطون وينفقون، يقول عزمن قائل:{إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قرضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17) سورة التغابن.
أيها الصائم إنك ببذلك وعطائك تقرض ربك ليوم فقرك وحاجتك وضرورتك يوما لفقر والمسكنة، يوم التغابن.. أيها الصائم شربة ماء ومذقة لبن وحفنة تمر وقليل من الطعام والمال واللباس والفاكهة تسديها إلى محتاج هي طريقك إلى الجنة.
أيها الصائم تالله لا يحفظ المال مثل الصدقة، ولا يزكي المال مثل الزكاة. والله الموفق