مما لا شك فيه أن العامل الاقتصادي الذي كان بمثابة القشة التي كسرت ظهر البعير والذي يعد أهم العوامل التي أشعلت ثورات الربيع العربي يلعب دوراً لا يمكن تجاهله في انهيار منظومة القيم الاجتماعية في المجتمعات العربية.
ذلك أن هذا العامل كان سبباً رئيساً في انهيار الطبقة الوسطى في هذه المجموعات وتحولها إلي طبقتين الأولى تتميز بالغنى الفاحش والثانية بالفقر المدقع وكلتا هاتين الطبقتين لا تملك مقومات الدفاع عن منظومة القيم الاجتماعية أو مؤهلات وإمكانيات بنائها.. بخلاف الطبقة الوسطى التي تتميز أنها طبقه متعلمة ومثقفه كان لها دورها البارز في صياغة وبناء هذه المنظومة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وهنا لابد من التوقف أمام دور المرافق التعليمية كالجامعات والتأمل في دور جامعة تعز باعتبارها المرفق التعليمي الأساسي في عاصمة الثورة والثقافة اليمنية, ذلك أن لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات اليمنية دوراً لا يستهان به في إعادة بناء هذه المنظومة وحمايتها من مؤثرات عالم اليوم عالم المادة والرداءة والتراجع إلي الخلف.
وذلك من خلال إعادة بناء القيم والأخلاقيات الأساسية التي تعتمد عليها هذه المنظومة في بنائها والتي منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- احترام حرية الرأي والرأي الآخر.
2- إعلاء قيمة العلم على قيمة المظاهر الخارجية.
3- إعلاء قيمة الإنسان ورفع شأن الذات الإنسانية أمام الماديات المسيطرة على عالم اليوم.
4- احترام المثل والمبادئ الإنسانية.
5- احترام قيمة الحق والتوقف عند حدود الحق المرسومة في الدستور والقانون دون تجاوز ذلك للاستيلاء على حقوق الآخرين.
إن إعادة بناء هذه القيم والحفاظ عليها والحرص على أن يتشربها الجيل القادم مهمة أساسية وضرورية ضمن دائرة الوظيفة المرسومة للمرافق العامة التعليمية.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة وضع استراتيجية تعليم تخدم الوطن وتحقق المصلحة العليا بالشكل الذي يصنع الكوادر المتخصصة التي تشارك في بناء اليمن الجديد في شتى مجالات الحياة المختلفة كالزراعة والصناعة والتجارة والتكنولوجيا والاتصالات لان التطور في هذه المجالات من شأنه أن تحقق ارتقاء في القيم والأخلاقيات الإنسانية بالشكل الذي يحقق تكامل بين الجانبين. ويجعل من المجتمعات العربية مجتمعات متحضرة قادرة على بناء حضارة تدفعها إلي الأمام وفي الوقت نفسه تربطها بالقيم والأخلاق الإنسانية وإرثها التاريخي الحضاري والعلمي والثقافي.
ولابد من رسم السياسة العامة للجامعة بالشكل الذي يحقق تطبيق فعلي للمبادئ الدستورية العليا وقواعد الدستور والقانون, بالإضافة إلى الحرص على تحقيق مصادر ماليه مستقلة للجامعة ضمن أطار الميزانية العامة للدولة ويجعلها بعيداً عن الحاجة لاستجداء الآخرين, لما في هذا الأسلوب الأخير من ضرر كبير سيترتب عليه من اهم مظاهره انعدام المساواة في تقديم الخدمة التعليمية للجمهور وسلامة إجراءات القبول.
د. ضياء العبسي
منظومة القيم الاجتماعية 1549