إننا جميعاً بحاجة إلى نشر مفاهيم النقد الذاتي بين الجمهور عموماً ، وبين نخبة الرأي العام خصوصاً، من قادة الأحزاب والجماعات والجمعيات، وقادة منظمات المجتمع المدني وخطباء المساجد والوعاظ وغيرهم ، وان نذكر الجميع بفضيلة النقد الذاتي، والسبب أن تقاليد النقد الذاتي غائبة عن ذاكرتنا التاريخية ، والحاضر في ثقافتنا التاريخية؛ ثقافة المدح والتزلف والنفاق، ولا تزال ثقافة النقد الذاتي والتنظير لها غائبة في ساحاتنا الفكرية والسياسية للأسف الشديد والأصل أن ثورة الشباب الشعبية السلمية تكون قد أزاحت ثقافة الخوف وثقافة التبرير والتآمر..
إن المتابع لما يصدر من كل القوى السياسية والثقافية سيجد أن كافة التوجهات والقوى مازالت متحفزة ومستنفرة في مجال نقد الغير تترصد له كل الأخطاء والمعايب ومن كل طريق، وتتلمس وتبحث عن السلبيات من كل فج عميق، بينما في المقابل من ذلك تتراخى وربما يتوارى لديها أي ممارسة لنقد ذاتي ، رغم وضوح معايبها ،ورغم بروز سلبياتها، وكأنها بممارساتها تلك ترى أن قيمتها تزيد بهجاء غيرها، وفى هذا المقام تبدو موازين النقد أقرب ما تكون إلى مداخل للنقض وليس لعملية بناء حقيقية للمواقف والتوجهات وحب وحماية الوطن..
إن الأصل في النقد الذاتي كمهمة تصحيح وتنبيه، وهو ممارسة عملية لقدرات أي كيان على القيام بوظيفة المراجعة الذاتية ، حتى لا يعتقد هذا الكيان أو ذاك في نفسه العصمة أو يضفى الشرعية على أي انحراف أو أي عيب أو خطأ في التفكير أو التدبير أو الممارسة، والنقد الذاتي يعبر عن طاقة عملية يجب أن تمارسها الذوات والكيانات، حتى تضمن صحة المسير والخيار الرشيد، والنقد الذاتي كذلك عمل يشجع الكيانات على الالتقاء على كلمة سواء لكل ما يؤدى إلى مواصلة عملية البناء والمبادرة إلى تلمس الأخطاء في الذات حتى يمكن تصحيح المسيرة والمسار..
محمد سيف عبدالله العدينى
التخلص من ثقافة نقد الآخر وترك الذات واجب المرحلة 1415