القضاء في بلادنا.. مشكلة، وأي مشكلة أعظم من فساد قطاع القضاء الركن الأساسي، بل هو عمود الدولة وسنامها، وكما هي الصلاة بالنسبة للدين الإسلامي..
في السابق.. كانت العائلة المالكة الهالكة أسرة حميد الدين قد استحوذت على هذا المرفق الهام من مرافق الدولة وحولته إلى قطاع عائلي بامتياز أو صار حكراً للأسرة المالكة وظل كذلك وحتى في عهد نظام صالح وعائلته استمرت سيطرة آل حميد الدين على القضاء .. واليوم لسنا في مرحلة تستدعي منا السرد التاريخي لمرحلة القضاء اليمني لكن من باب التذكير بمشكلة هذا البلد، الذي تتلاعب به مجموعة من الأفراد والأسر الصغيرة سواء فيما يتعلق بقطاع معتبر هام كالقضاء أو فيما يتعلق على سبيل المثال لا الحصر بالكليات العسكرية عندما كانت حكراً على أسر وعائلات بذاتها وحتى وقت قريب من تاريخ اليمن الحديث.. لكن ما أردت إيجازه في هذه العجالة هو ما يمكن أن نطلق عليه بشطحة القضاء الموسمية، والأمثلة على ذلك كثيرة، وأزعم أن البداية كانت قبل ما يقرب من أقل من عام عندما صدر حكم إحدى المحاكم بحسب وسائل الإعلام في تعز بإحالة ملف مرتكبي مجزرة ساحة الحرية في تعز إلى القضاء، وذكرت أسماء شخصيات كثيرة متورطة في المجزرة وطالبت بالقبض عليهم ومحاكمتهم و.. و.. الخ!
يومها قلت في تعليق لي على كتابات بعض الزملاء على الفيس بوك: "إن حدث هذا فأزعم أن الثورة الشبابية السلمية قد نجحت ورب الكعبة"، لكن بعد أيام قليلة اكتشفت أن الموضوع هو شطحة من شطحات البعض، خاصة عندما وردت إلي معلومات تفيد بأن من المتهمين في المجزرة هم بقائمة أحد التنظيمات السياسية يدفع بهم التنظيم لواجهة المشهد بغية تعيينهم في مناصب كبيرة في الدولة..
والحقيقة أن القضاء في بلادنا قد هرم، وكل يوم يزداد سوءاً عن سابقه؛ تصوروا أن قاضياً امتدت فترة عمله في القضاء إلى خمسين سنة، وهو يعمل في هذا المجال لم يتوقف، كيف سيكون حال هذا القضاء.. للأسف لم يتعلم صانع القرار في بلادنا من الإدارة الإسلامية في تحديد مدة بقاء القاضي في هذا المنصب الهام والحساس، ومما مر علينا وفي إحدى الكتابات غير المؤكدة، لكن نوردها للفائدة، والتي تقول إن أمير المؤمنين الخليفة العادل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حدد مدة بقاء القاضي في منصبه بثلاثة أعوام كحد أقصى في منطقةٍ ما أو في مقاطعة ما بما في ذلك مناطق إدارية قريبة من المدينة المنورة.. أي انه لابد من نقل القضاة دورياً حتى لا تتعمق علاقتهم بالرعية فيفسد البعض بحكم تلك العلاقات التي تتعمق وتترسخ بطول أمد بقاء القاضي في منصبه في مكان واحد..
اليوم يا ترى كم نحن بحاجة لحركة إصلاح شاملة تعم القضاء، والخطوة الأولى حسب اعتقادي تقضي بإحالة من بلغوا احد الأجلين إلى التقاعد، وبأسرع ما يمكن. والثانية إجراء حركة تنقلات واسعة للقضاة في عموم محاكم الجمهورية. والثالثة توجيهات رئاسية بالنظر في القضايا التي تقبع في أدراج المحاكم وسرعة البت فيها وكذا تنفيذ الأحكام التي لم تنفذ ومر عليها سنوات أو أشهر..
لكن البداية حسب اعتقادنا تكون مع من يعتدون على أنابيب النفط والغاز ومن يتبادلون الأدوار في قطع الكهرباء ومن يمارسون التقطع والاختطافات في كل اليمن، وتنفيذ حد الحرابة على من تثبت إدانته بإحدى تلك الجرائم النكراء، فيقدم للمحاكمة العلنية ويعاقب تعزيراً على جريمته النكراء، وليشهد أبناء اليمن قاطبة وعبر أجهزة الإعلام المختلفة تنفيذ حكم الله في أولئك الذين رهنوا أنفسهم للشيطان..
ختاماً:
ينبغي ان تفعل حركة التفتيش القضائي وبشكل دوري ومفاجئ لمعرفة وكشف التلاعب في القضايا المختلفة في المحاكم والنيابات، وفي حال صلح هذا القطاع فسوف تستقيم أمور عدة، وسوف يشعر الناس حقيقة بالتغيير، وبأن البلاد تسير بالاتجاه الصحيح، بل سينعكس ذلك على مسار الحياة برمتها في اليمن وسوف يتحقق على اثر ذلك نتائج ايجابية وفي مختلف مسارات الواقع اليمني..
وحتى لا يبقى القضاء أضحوكة ولعبة بيد فرد أو عائلة أو قبيلة أو فئة أو طائفة أو.. أو.. الخ يحركها كيفما ومتى شاء، لابد من تفعيل مبدأ الثواب والعقاب.
نقولها وبكل صدق لن تقوم لهذا البلد قائمة ما لم يتم تطهير القضاء من الفاسدين والملوثين، ولأن مصلحة الوطن فوق مصالح الأسرة والحزب والطائفة والقبيلة فنحن بحاجة لقضاة ولاؤهم لله ثم للوطن.. قضاة لا يتبعون أي جهة من الجهات، بل قضاة يغلبون مصالح الوطن والمواطن اليمني على مصالح الفرد والقبيلة والفئة والطائفة والحزب والمذهب... والله الموفق.
Abast66@hotmail.com
عبدالباسط الشميري
القضاء العائلي.. متى يغلب مصالح الوطن على مصالح الفرد والعائلة والقبيلة والطائفة؟ 1835