يوم الخميس الماضي كنت أمشي في شارع الزبيري صباحاً بعد أن أخذت بعض احتياجاتي من محل البهارات.. رأيت مجموعةً من النساء والأطفال من اللاجئين السوريين، يمتهنون التسول وبشكل لافت للنظر، إنها الظروف والحرب اللعينة التي قادت هؤلاء للتشرد في كل البلدان ومنها بلادنا.. وضع مأساوي، فاليمن منذ أكثر من عقد وهي تستقبل اللاجئين من القرن الأفريقي، وها هي اليوم تضيف إلى عشها لاجئي سوريا.. هذا البلد خير وأهله خيرون، رغم الفقر وظروف المعيشة الصعبة إلا أنهم يستوعبون كل من لجأ إليهم حتى يصير بعد فترة مواطناً!!
ما زلت أمشي في شارع الزبيري المزدحم واعقد مقارنات بسيطة بين نوعية اللاجئين الذين وفدوا إلى اليمن خلال العقدين الماضيين، فهناك الأثيوبيون، الصومال، الإرتيريون، والفلسطينيون ومؤخراً السوريون. دعوني أتحدث عن الصومال وهم مسلمون، لم ـ يمتهنوا التسول ونساؤهم يلبسن الجلباب الطويل ويعملن في كل الأعمال.. وهم شرسون إذا ما استثيروا أما الأثيوبيون ومعظمهم غير مسلمين، فهم يعملون في مهن كثيرة خاصة في البيوت ولا يمتهنون التسول، الإرتيريون أيضاً يعملون في مهن كثيرة فيهم المسلمون.. الصوماليون لديهم اعتزاز بالنفس وشعورهم بالكرامة الشخصية عال، أما السوريون وهم الأحدث في اللجوء فهم يميلون إلى التسول، ويستخدمون في ذلك النساء والصغار، ربما لأنهم لا يجيدون المهن أو لم يتعرفوا بعد على سوق العمل.. أصواتهم عالية لكنهم لا يميلون إلى العنف.. هذه قراءة عابرة للاجئين في بلادنا ولاشك أن دراسة سولوجية لهذه الفئات قد توضح الحقائق بشكل علمي أفضل، ما أود قوله هو أن ظاهرة التسول خاصة في المدن الكبيرة في طريقها للنمو، وبشكل كبير لزيادة أعداد الذين يمتهنون التسول من أبناء البلد ومن اللاجئين، لذلك نقترح على السلطات المحلية أن تفكر في وضع حلول ومعالجات لظاهرة التسول حتى لا تكون هي الشيء المميز في مدننا.
مازلت أمشي في الطريق، فرغم نظافة الشارع إلا أن هناك من يرمي بالمخلفات من السيارة، الأجرة، الخصوصي، والموتور.. تُرى من يحاسب هؤلاء على هذه السلوكيات الخاطئة..؟ من يقول لهم عيب ما تفعلونه... عمال النظافة لتوهم "كنسوا" قاذوراتكم فلا تكرروا..
آخر "العطفات" مواطن رمى بجسده المنهك ونام بجوار كيسين كبيرين فيهما كم من "القوارير" البلاستيك الفارغة.. لقد تعب من رحلة البحث عن العلب الفارغة وجمع ما قدر على جمعه.. لم يحتمل.. نام على قارعة الطريق ودفء الشمس يمنحه الأمان.. قمت بتصوير هذا المنظر إلتقط للرجل صورتين من كاميرتي وهو نائم.. ومضيت.
إنه وطن يتعب فيه الجميع وحدهم الفاسدون لا يتعبون.. يعيشون "كالقملى" من دماء الشعب.
محاسن الحواتي
ارحبي يا جنازة.. 1592