يعيش المواطن اليمني في وطن يعشقه حد الجنون، يعشق ترابه وهواه، يهوى جمال جباله وسحر سماه، يتلذذ بطيب عطره، ما عليك إلا أن تشاهد كيف يطرب اليمنيون لأي فرحة مهما كانت صغيرة حتى لو كانت بمستوى فوز كروي، أو مسابقة غنائية، وكيف يرقص الأطفال والشيوخ فرحاً على إيقاعات أغاني الجيش والأمن العام وغيرها من شدة حبهم للوطن والأرض..
هذا المواطن يستحق أن يعامل بكل جهد وتواضع لتحقيق أحلامه وتطلعاته، لتحقيق آماله البسيطة جداً، البسيطة بساطة هذا الوطن، هذا المواطن الذي يعد بالفعل الخزينة الحقيقية للدولة والذي يكاد أن يكون موردها الوحيد..
الغصة تعتصر قلب كل يمني، عندما يتأمل ويحلم بمستقبله، عندما يفكر بان كل هذا الانتماء والولاء لتراب هذا الوطن لا يشفع له ليجعله مطمئناً لما هو قادم من أيام..
أحلام اليمني بسيطة لا تتعدى أحلام ابسط طفل في هذا الوطن، فما الذي يحلم به المواطن اليمني البسيط عندما يتخيل المستقبل؟..
يحلم المواطن اليمني بشوارع نظيفة خالية من المطبات والحفر، يحلم بماء نظيف للشرب وللاستعمال دون أن يسهر طوال اليل ينتظر امتلاء خزانات بيته العلوية ويحلم بان يمضي هذا الأسبوع دون أن توقظه زوجته في منتصف الأسبوع مستنجدة (الحقني يا أبو فلان انقطعنا من المي)..
يحلم المواطن اليمني بعدم انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، تحرمه ما احتفظ به من اكل في الثلاجة، ناهيك عن تعطل الأجهزة الكهربائية، وعن عدم قدرة الطلبة على المذاكرة تحت أنوار الكهرباء..
يحلم المواطن اليمني بقانون يحميه ولا يتركه عرضة للمبتزين في حوادث السير والمشاجرات وسرقات المركبات.. يحلم بالعدل والمساواة في التعيينات وفي مواجهة القانون والقضاء، بحيث لا يتمنى بان يكون ابن قبيلة معينة ليعامل معاملة مختلفة أمام الأمن والقضاء..
يحلم المواطن اليمني بان يدرس أبناؤه بمدارس لا يتسرب منها المدرسون دون النظر إلى ما سيحدث بالجيل القادم من تجهيل وفرز طبقي، يحلم بان يكون بمقدوره رصد المبالغ الكافية لدفع أقساط التعليم الجامعي..
يحلم المواطن اليمني بان يعاقب الفاسد والسارق وان يتم استعادة ما نهب من جيب المواطن، يحلم بان تجد الحكومة مصدراً آخر لسد عجز السرقات غير جيبه الخاوي، يحلم بمجلس نيابي محترم يحافظ على ما تبقى من كرامته..
يحلم المواطن اليمني بمعارضة شريفة لا تبيع ولا تشتري بالوطن والمواطن، يحلم بان يكون هم المسؤول والمعارض خدمة المواطن, لا أن يكون همه هبش ما يستطيع قبل أن يترك..
يحلم المواطن اليمني بان يحترم المواطن أمام كافة الدوائر, لا أن يكون عرضة للإهانة والاستخفاف والصراخ من ابسط موظف لا لشيء، إلا لاعتقاد الموظف أنه ما زال في عهد الدولة العثمانية ورقاب الناس عهدة في يده.
ما أبسط أحلامنا وما أسهل أن نحققها، لكن علينا أن نعمل جميعاً لذلك، علينا أن نغير فكرنا بحيث يكون تحقيق أحلام اليمنيين, لا أحلامنا الفردية, هو الهدف.
نحلم جميعا كمواطنين عرب بشكل وحدوي عربي إسلامي تكون قراراته ملزمة يحترمها الجميع، وتكون هذه القرارات بالأغلبية وليست بالإجماع، وأن ينتج عن ذلك أن ينتقل الإنسان العربي في أنحاء العالم العربي بدون تأشيرة دخول، وأن تكون هناك حرية لحركة رؤوس الأموال بين الدول العربية كذلك، وأن يتطور الأمر حتى يصل إلى سوق عربية مشتركة وبرلمان عربي مشترك وجيش عربي مشترك.
رائد محمد سيف
أحلام المواطن اليمني 1833