يبدو وكأن أزمة المغتربين اليمنيين التي أثرت سلباً على علاقة الشعب اليمني وليس الحكومة اليمنية مع الشقيقة والجارة والصديقة المملكة العربية السعودية، فمنذ ان فكرت في ان اكتب في هذه الجريدة ساقني تفكيري إلى ان اكتب عن المغترب اليمني وعلى وجه الخصوص في السعودية والمهم في الأمر أنني عندما أتحدث إلى شخص عاد من المملكة أجده ينهال الماً ويتحدث بشكل غير اعتيادي عن ما يحصل لهم من قبل الأشقاء، فعندما أتحدث إلى شخص أقول في نفسي يحتمل أنها بعض المشاكل صادفت هذا الشخص ولا تعميم ولكني أحاول أن أجد من يتحدث بغير اللهجة ولكني أجد من أردته أن يتحدث بغير اللهجة يتحدث بلهجة اشد قساوةً، حيث يمارس الاضطهاد والتنكيل والنيل من الكرامة الإنسانية وتوجيه الشتائم والألفاظ التي لا تتناسب ان تطلق حتى على الحمير وقد يصل ذلك إلى القتل في بعض الحالات.
الجدير بالذكر هو أن اليمنيين معروفون بهمة وحب العمل والصدق والتفاني وحمل الأمانة وعدم التفريط بها، بل وانهم افضل من غيرهم في كافة الأعمال ورغم هذا كله تمارس الشقيقة وبعض الدول الصديقة ممارسات مشينة بحقهم وكأنها تمارس سياسة عقابية بحقهم، لماذا لا يعود المغترب اليمني وغير اليمني حاملاً الحب والسلام والكلمة الطيبة عن من عمل معهم مع انه عاد من أطهر أرض؟.. يبدو ان الكبر قد سيطر على أشقائنا الذين نزلت الآية الكريمة على ارضهم قوله تعالى { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } لذلك ما انعم الله على احد إلا ليبتليه ومن يتبرم فإن الله سينزع ما أعطى ويحوله إلى غيرهم.. المهم أنني والله لم اجد احداً يمدح المملكة سوى الإعلام الذي يتبعها أو المستفيدين منها وهو الأمر الذي لا ترتضي به شريحة الأمة الإسلامية، كيف وهي الأرض الأولى بالنسبة لهم، سيدفعون الغالي والثمين من أجلها ولكنهم اليوم يجدون انفسهم أمام سياسة لا تتوافق مع الأيدولوجيات التي يجب ان تقوم عليها وكيف لنا ان نسمع شريحة واسعة من الناس يتحدثون عنها بما لا يرضينا، لماذا لا تكون هي حقاً مملكتنا الحبيبة عزاً وكرامة وطيبة، فيها مسجد نبينا والحرم والجود فيكي والكرم، هذه الصفات مثلها عليكي مو غريبه ولو تغيبنا عنك بقلوبنا أنت قريبة.. كما تغنى بها المنشد محمد بشار، أم أنها كلمات لا اصل لها ولا تحاكي الواقع الذي عاشه ويعيشه المغتربون والمغترب اليمني على وجه الخصوص.
ولما أن اندلعت شررة أزمة المغتربين بدأت مطارق أعداء المملكة تدق ولا أظن قناة المسيرة توقفت حتى الآن برمي الحكومة والشعب السعودي وال سعود قاتلهم الله، حسب ما سمعته منها، فالبرامج والندوات واللقاءات والمقابلات والتغطية المستمرة لخبر ترحيل اليمنيين لم تتوقف، متناسية آلاف ممن هجروا من ديارهم عنوة بقوة السلاح الحوثي، لأن مليشيات الحوثي رحلت أصحاب الأرض الذين عمروها بأيديهم أما العمل في أي دولة فلا يفرض عليها إلا بما يربطنا من علاقات ومصالح مشتركة، لماذا لم تفتح قناة المسيرة ملف التنكيل الذي تمارسه المليشيات ضد الضعفاء من أبناء صعدة لخلفياتهم الفكرية وانتماءاتهم العقدية ولو مناصفة مع قضية المغتربين؟. يجب على السعودية في هذه الأزمة ان تعرف صديقها من عدوها الذي يتربص بها وهو لها بالمرصاد يجهز عدته وعتاده ويسخر طاقاته للنيل منها على كل المناحي سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، بل وحتى عسكرياً، فخبر ترحيل العمال اليمنيين من السعودية يعتبر خبراً ثميناً جداً بالنسبة للحوثيين، يستطيعون من خلاله جذب المزيد إلى شباكهم وبخاصة من هذا النوع الذي يعتبر بالنسبة لهم جاهزاً لأن يحمل الحقد للسعودية وهو ما يبحث عنه الحوثيون، فالذين رحلتهم وترحلهم السعودية هم فريسة في يد هؤلاء إذا لم تعدل المملكة عن قرارها وتتودد إلى كل عدو وصديق لتبقى راسخة تشمخ شموخ الجبال لا تهزها شرذمة أو دولة طالما أنها في رقبة كل مسلم ينحدر العالم بأكمله يدافع عنها، لأنها ليست كغيرها وما قد يصيبها ليس كما أصاب غيرها من الأماكن المقدسة.
وفي ظني أن نبات وزرع إيران في العراق أي المليشيات التي صنعتها إيران للنكاية بالمملكة وعلى رأسها حزب الله العراقي، لا أظن أن العاهل السعودي بل وقادة السعودية لم يستمعوا إلى تصريح الأمين العام لحزب الله الإسرائيلي واثق البطاط وليس العراقي، في الأسابيع الأخيرة، عندما قال انه يدرب جيشاً ليصلي معهم في مكة وانه سيقاتل آل سعود الكفرة ونظامهم الكافر، لم تعد رسائل لا تفهم أو تلميحات، بل رسائل شديدة الوضوح، فعلى السعودية أن تغير سياستها لتؤمن مستقبلها من خلال جذب الأمة إلى شباكها، فهل ستعي وتدرك السعودية ما يحاك ضدها أم أنها ستظل عاجزة عن استخدام مخزونها المالي والنفطي في بناء مستقبل كبير للمحور الكبير المتمثل في قيادة الأمة ترفرف رايتها الخضراء على كل بيت ومسجد؟.. والسلام.
omerawl@hotmail.com
عمر أحمد عبدالله
رسائل تحت المجهر....... مستقبل السعودية 1846