ست الحبايب يا حبيبه, يا أغلى من روحي ودمي, يا حنينه وكلك حنيه, يا رب يخليك يا أمي.. قلت في مقال سابق أننا لا نحتفل إلا بكل شيء أهملناه أو افتقدناه أو قصرنا في حقه: الأم والشجرة والعمال والحب والمرأة, فجعلنا لهم أعياداً سنوية من باب إسقاط الواجب, ثم ينتهي اليوم وتعود الأحوال على ما كانت عليه.. فمن الناس من لا يعرف أمه إلا في يوم عيد الأم, هذا من أهداه الله وعاد في قلبه ذرة من إيمان.. أما من قد مات قلبه وعشش الشيطان فيه, فانه لا يعرف للام حقاً في عيدها أو غيره.
الأم كائن غريب, لا تستطيع الكلمات والعبارات أن تصفه, أي قلب احن من قلبها؟, أي صدر أدفئ من صدرها؟.. هي قرة العين ونبض الفؤاد وشمعة الحياة.
ويل له:
ويل لمن أدركها ولم تدخله الجنة, ويل لمن نسي حقها وتنكر لتضحيتها, ويل لمن قدم زوجته على أمه, ويل لمن حملته أمه في بطنها ولم يتحمل أن تسكن معه في بيته, ويل لمن أرضى زوجته بسخط أمه.. ويل لك يا من تنكرت لمن كان بطنها لك وعاء وثديها لك سقاء, ويل لك يا من تناسيت أيام تعبها والشقاء.. رأى ابن عمر رجلاً يمانياً يطوف بالبيت وهو يحمل أمه وراء ظهره, وهو يقول:
إنّي لها بعيرُها المذللُ *** إن أذعرت ركابُها لم أذعر.
ثم قال هذا الرجل: يا بن عمر، أترى أني جزيتها.. قال: لا، ولا بزفرة واحدة.. ولا بزفرة واحدة يا من تضرب أمك, يا من تهجر أمك يا من تعرض عن أمك, يا من تهجر أمك.
قبل أن تفقدها:
رأيت منظراً تتقطع له القلوب, أم مريضة تئن في ليلها والنهار, تشكو الألم وولدها لا يعرها أدنى اهتمام, ولم يكلف نفسه حتى بشراء الدواء الذي تحتاجه.. وبعد أن تزوج شعرت زوجته بدوخة خفيفة, فسارع بها إلى الطبيب وأمه تنظر إليه وكأنها تقول له: ليتك تأخذني معها إلى الطبيب.
لسوف أعود يا أمي أقبل رأسك الزاكي, أبثك كل أشواقي وأرشف عطر يمناك
أُمرغ في ثرى قدميك خدي حين ألقاك, أُروّي التُرب من دمعي سروراً في محياك
فكم أسهرتِ من ليل لأرقد ملأ أجفاني, وكم أظمئت من جوفٍ لترويني بحنانيك
ويوم مرضت لا أنسى دموعاً منك كالمطر, وعيناً منك ساهرةً تخاف عليّ من خطرِ.
أحلام القبيلي
قبيليات...... يا رب خليها أمي 2221