ألمٌ هي الحياة.. لا تضحك ثغراً إلا لتبكي عيوناً، علمتنا الحياة أن هناك لحظات تفكر واستقراء للماضي وفهم للحاضر بإخفاقاته وانجازاته ونظرة إلى المستقبل وإشراقاته..
لحظات نأتي إليها بعيداً عن هموم الواقع، لكنها لحظات نتعرف على الجمال ونختزل صورته بصورة مرممة طوى عليها هموم الزمن وتكسراته، لحظات يجب أن نعيشها سواءً في سلم المواجهة أو الاستسلام، فخيار المواجهة دائماً له صعوباته وعراقيله ولكنه خيار الشرفاء الصامدين من أجل الحقيقة بعيداً عن فوبيا الديمقراطية، وفي كلا الحالتين نخوض معركة سياسية بأطراف مجهولة، لكن علينا أن نحذر من قوى لا هي نبت شيطاني ولا أوجدتها عصاً سحرية إنما قوى سياسية أفرزتها جملة من العوامل التسلطية التي أسهمت في وجودها وإنعاشها..
لكننا وصلنا إلى عام ازداد فيه القلق السياسي والاضطرابات السياسية في الجنوب وتمخضت عنها تشكيلات كان السكوت عنها أفضل من الإعلان، لكن سنتين من الثورة الشعبية تناسلت فيها المشاريع في المحافظات الجنوبية لشخصيات في الحراك الجنوبي، فلا باعوم رضي واسترضى، ولا النوبة سكت واستقل، ولا الشنفرة نجح..
تشكيلات لا تستدعي قلقاً سياسياً فحسب بل تستدعي قلقي على اليمن، فماذا سينتج عن تشكيل (المجلس الأعلى لاستعادة دولة الجنوب) بقيادة باعوم؟، وماذا ستفعل الهيئة الوطنية لاستقلال الجنوب بقيادة النوبة ورفاقه؟، وماذا سيصلح مجلس التصالح والتسامح بقيادة الشعبي ورفاقه؟، وإلى أين ستصل جمعية المتقاعدين العسكريين، وجميع هذه التشكيلات اختلفت في من يمثل الجنوب؟ وإلى أين ستصل كاريزما البيض ذات الصبغة الإيرانية؟.
قلقي على اليمن أن تؤدي هذه التشكيلات إلى التفرقة العنصرية والخصومة الإنسانية ونقذف بكل الثوابت الأساسية عرض الحائط.. جدير بنا أن نعيد المياه إلى مجاريها بالتوافق والحوار وقبول الجميع شركاء في هذا الوطن بدلاً من التقسيمات في ظل نظام الحكم القائم.. قلقي على اليمن عندما تصبح الحقيقة مشوهة ونقبل الصورة مرممة بالألوان، قلقي على اليمن عندما يصبح المنطق غائباً والفوضى عارمة نشهدها في كل شارع وبيت وحارة، قلقي على اليمن عندما تكون لغة الجغرافيا هي السائدة وعندما تضيع الحقيقة وتقبل المرجعية المزيفة للعمل الوطني، قلقي على اليمن عندما ننسى ثوابتنا ومشروعنا الوطني الأصيل..! قلقي على اليمن عندما نعود إلى الماضي لنأخذ منه المستقبل ونعيش في الحاضر لنهرول إلى ما قبل الوحدة.
أحمد الضحياني
قلقي على اليمن 1617