قرار محافظ تعز شوقي هائل بتعيين هيئة استشارية لمحافظة تعز من المشايخ يعد خطوة متقدمة للمضي بتعز نحو التخلف، بإحياء ثقافة القبيلة والشيخ كبديل يراه المحافظ الذي لم يفق إلى الآن على وقع الثورة، عن المدنية المتأصلة في الحالمة تعز، إن قراراً كهذا لا أراه كمراقب يصب إلا في اتجاه تعطيل الجهود الحكومية الهادفة إلى إعادة تأهيل تعز كعاصمة للثقافة، إذ يستحيل أن يجتمع الضدان ـ المدنية والتخلف ـ في وقت واحد، وإن كانت هذه القرارات كما يزعم المحافظ هادفة إلى احتواء وحل ثلاثين قضية ما استطاعت ولن تستطع أجهزة الدولة في المحافظة حلها، هذا التبرير من المحافظ هو عذر أقبح منه أن يقف المحافظ عاجزاً عن اكتشاف مكامن الخلل في الأداء الحكومي في المحافظة، ليقوم بعملية تصحيح واسعة بمساعدة أكاديميين ومتخصصين ومثقفين، يشخصون الداء ويقترحون له الدواء، فمثل هذا التبرير غير مستساغ وغير منطقي، خصوصاً وشخص المحافظ خرج من بيت امتاز بنجاح إداري ليس له نظير، فقط ثمة حالة واحدة يمكن أن يكون هذا التبرير عندها منطقي ومستساغ، وهي أنه إذا كان المحافظ الذي وعد بجعل تعز دبي الثانية، قد خلٌص إلى أن نظام المشيخات هو سر نهضة الإمارات وخصوصاً دبي، فبادر مشكوراً إلى استنساخ هذا النظام ليٌجرب في تعز، تمهيداً لتعميمه على مستوى الجمهورية بنسخته المحدثة، حقيقة لا أدري ما الذي جعل البعض خصوصاً المثقفين أن يقدموا على تأييد مثل هذه الخطوة التي خطاها محافظ تعز، مع أنها لا تضمن المطالبين بدولة مدنية يسودها العدل ويسودها القانون، فهذه الخطوة تمثل إلتفافاً على هذه المطالب التي لأجل إقامتها قامت ثورة..
لا أدري ما الذي أصابنا في تعز، أهو الجهل والتخلف الذي بدا يتوسع داخل هذه المحافظة فجاءت هذه القرارات انعكاساً لحالة التخلف والتردي التعليمي المعاش؟! أم أن الكثير من أبناء تعز قد شغفهم حب الارتماء بين أقدام المشايخ؟! مفارقة عجيبة نتوقف عندها حينما نجد القبيلي ينتفض على التخلف والجهل وينادي بدولة مدنية معلناً استعداده تغيير وسائل التعبير عن الذات من الرصاص إلى الحبر ومن البندقية إلى القلم، ونجد بالمقابل المدني ينتفض على العلم والثقافة معلناً دخوله عهداً جديداً يٌلقي فيه ثقافته في مرمي التخلف، مستبدلاً وسائله الحضارية التي ألف التعبير بها عن ذاته بوسائل لا تجسد سوى ثقافة التخلف والتبعية..فيا قومنا نحن أمام مشروع تقزيم يٌعتمل في تعز، حتى لا تبقي تعز متصدرة المشهد الحضاري اليمني. فهل سيقبل أبناء تعز بمثل هكذا مشاريع تهوي بهم في مهاوي التخلف والتيه؟!!
نجيب أحمد المظفر
تعز .. الثقافة في مرمي التخلف!! 1791