قد لا تتوقع أن يكون هذا المكان هو اليمن السعيد.. وقد لا يخطر ببالك أنه هو المعني، لكن وللأسف الشديد هذا تصنيف بيت الحرية ومنظمة غوث الأطفال في العام2005م.. إن اليمن من أسوأ خمس مناطق في العالم.. أكيد الأربع المناطق الأخرى هي (1اليمن ـ 2اليمن ـ 3اليمن ـ 4اليمن).. من يعيش في اليمن ليس كمن يقرأها في التقارير وفي كل الأحوال تظل اليمن لا تشابه أي دولة وليست الأسوأ بالطبع رغم عمليات الاختطافات التي كانت تتم ورغم سوء الحكم والإدارة البائسة والفساد.
نعترف بأن هناك جهوداً دولية وأميركية على وجه التحديد لتصدير الديمقراطية إلى اليمن وبعض الدول التي تحتاجها، على اعتبار أن الديمقراطية سلعة ولابد من تصنيعها جيداً وتصديرها لبلد كاليمن.. وقد قال مساعد وكيل وزارة الخارجية وقتها: (إننا مازلنا لا نعرف ما هي الطريقة الأفضل للترويج للديمقراطية في الشرق الأوسط العربي..) والسيدة روبين مدريد قالت ـ على فكرة هذه المرأة كان لها مشروع مع قبائل مأرب ـ الجوف ـ شبوة، لإنهاء الثأرات في هذه المحافظات (2004 ـ 2005م) لكن أجهض الموضوع واختفى وقالت القيادة السياسية (خلي القبائل ينشغلوا ببعضهم أحسن).. قالت مدريد وهي متأثرة ـ يا رحمتاه ـ بسوء أوضاعنا (إنني أكره أن أرى الناس يعانون أكره ذلك).. ربنا يعلم أننا ومن كثر المعاناة، لم نعد نشعر بأننا نعاني، شعب يدرس الصبر وقوة التحمل.. المهم الديمقراطية التي جاءت بها أميركا بكل برامجها لم تفلح في انتشال الوضع ولأن الأميركيين لا يعرفون طبيعة المجتمع اليمني فإنهم يطقون نظريات إما أن تنجح وإما أن تفشل وغالباً ما تفشل، فهم الذين قالوا (لابد أن نرمي بالمكرونة على الجدار لنرى إن كانت ستلصق أم لا) متناسين أن المكرونة أنواع، يعني التي انتهت مدتها لا تلصق والحديثة الصنع تلصق والمطبوخة جيداً وبصلصة جيدة نصها يلصق ونصها لا يلصق، وهكذا.. هذه دروس في المكرونة مع أني لا أحبها.. وتصلح لتكون أقوالاً في الديمقراطية المسيسة كذلك.
برنامج الأمم المتحد الإنمائي يصنف اليمن في المركز الـ151 من 171 في مؤشر التنمية البشرية، هذا كان زمان الآن قد نكون أسفل، المهم أننا أقل البلدان نمواً في العالم.. أين المشكلة؟ إذا جئنا بكل نظريات العالم في التنمية لن تجدي طالما الإنسان نفسه لا يريد، لا يرغب، والحكومة فيها من الفاسدين ما يكفي لخراب العالم!.
نحن كشعب لا نشعر أن بلادنا أسوأ مكان، لأننا لم نزر المكان الأقل سوءً أو الأحسن على الإطلاق.. فالسيدة مدريد التي تحدثت عن مشروعها مع القبائل الذي أجهض.. تحدثت أيضاً عن الحفر التي بالشوارع وعن الكلاب الهزيلة وعن المصابيح المحترقة و.. إلخ.. الآن والحمد لله قلت الحفر وزادت المطبات والحواجز العسكرية والكلاب مازالت كما كانت وأنا أدعو لقتل الكلاب جميعاً، لأنهم سوف يفضحونا أمام الأجانب أو أن تنشأ لهم هيئة خاصة ترعاهم.. أما عن المصابيح المحترقة فقد أصلحناها، فقط نحتاج إلى الكهرباء..
أسوأ مكان في العالم انتفض قبل عام وقرر ألا يكون الأسوأ ولو أريد له ذلك.. وأمامه كم من الفاسدين بقايا النظام الذين مازالوا يعملون على كبح جماح التقدم وهؤلاء لابد من تحديد أدوارهم وتحجيمها، لأن التغيير سنة الحياة وإيقاف عملية الحياة صعب، بل مستحيل.