حقيقة لا أدري من أين أبدأ وما هي النهاية أو بالأصح إلى أين تسير القافلة، لست متشائماً يا سادة، لكنها الأحداث الكبيرة والمهولة التي تعصف باليمن ـ أرضاً وإنساناً.. قد يقول قائل لقد قطعنا نصف الطريق ولم يبقى لنا إلا القليل، نقول نعم قطعنا شوطاً لا بأس به في مجال التسوية واقتربنا من ساعة الصفر، فما يجري في الوطن لا يمكن إغفاله عما يحضر لنا خارجياً وإقليمياً وبتعاون محلي.. أقول إن الخارج بكل مكوناته هو مع اليمن ووحدة اليمن وأمن اليمن واستقرار اليمن وانتعاش الحياة في اليمن وعودة الهدوء والاستقرار إلى هذا البلد وقطع الطريق على كل المتخاذلين والمروجين للفتن ودعاة الفرقة والتشتت وتجار الحروب.. لكن يا ترى هل نحن مع أنفسنا كيمنيين؟ هل أبناء اليمن يبحثون عن مصالحهم؟ وهل هم مستعدون لبدء مرحلة جديدة بعيداً عن لغة الكيد والارتزاق؟ هل قادرون على تجاوز هذه المرحلة والخروج من هذا النفق المعتم والذي قد يدفع بالبلاد إلى الهاوية؟
يا سادة هناك من يدعو إلى القطيعة مع الوطن والهوية اليمنية وهناك من يبحث عن ملك مضاع وآخرون لهم طموحاتهم، فالأمجاد المقبورة في الشمال والجنوب بُعثت من قبورها، تريد العودة إلى الأزمات الغابرة، هناك من يبحث عن أمجاد أبيه الضائعة وآخر يبكي أملاك أجداده وأحقيته في الملك وتركيع الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه لا بحثاً عن شيء سوى الحقد والكراهية وحب الانتقام من هذا الشعب الذي رفض الوصاية عليه ورفض عبادة الأصنام والأوثان وإلى الأبد وقال لا حكم إلا لله.. الأرض أرضنا والدولة المدنية هي غايتنا ومسعانا ولن نرضى بغيرها لا لملكية ولا لعصبية ولا لقبيلة ولا لمذهبية لا لطائفية ولا لفئوية ولا لقروية.. جميع أبناء اليمن سواسية أمام القانون والدستور ومن شذ شـذ في النار..
أقول العالم كله يُجمع على ضرورة الحافظ على وحدة واستقرار اليمن شمالاً وجنوباً غرباً وشرقاً والعالم كله أجمع على تجنيب اليمن الانزلاق إلى متاهات وأتون حرب أهلية لا تبقى ولا تذر والعالم أجمع كله على نبذ العنف والتطرف من له مطالب حقوقية في هذا المكان أن يرفع صوته ويقول للعالم ولنا ماذا أصابه ويطالب برفع الظلم عنه وإعادة حقوقه، إن كان له حقوق مشروعة ولن تقف أمامه أي قوة في الأرض، بل كل اليمنيين سيقفون إلى جانبه حتى تحقيق مطالبه المشروعة، لكن أن تتحول المطالب إلى ابتزاز سياسي وارتزاق محلي وإقليمي بغية تركيع الوطن وإذلاله، فهذا ما نزعم أنه لا يدخل في سياق المطالب إطلاقاً وهذا ينفي أن يطلق عليه بما يستحق وتسمى الأشياء بأسمائها، إننا أمام مرحلة جد عصيبة تستدعي الوقوف عليها وتمحيصها والكشف عن كل ما يدبر ويطبخ لزعزعة أمن واستقرار اليمن.. إنها المنازلة أو المتاجرة لتأسيس وقيام الدولة المدنية اليمنية وقد كلفتنا الكثير وما تزال المراحل طوال ولا ضير أن كنا سنصل إليها والعاقبة للمتقين..
Abast66@hotmail.com
عبدالباسط الشميري
المناجزة لتأسيس الدولة المدنية 1790