1- 4
تمر اليمن بأزمة سياسية خطيرة للغاية منذُ العام 2011م، كادت ستؤدي إلى حرب أهلية شاملة لولا تدخل الخيرين الوطنيين من أبناء اليمن وتدخل الأشقاء في الخليج العربي وكان لهذه الأزمة امتداداتها وظروفها الموضوعية، فالواقع أن بدايات الأزمة تمتد من حرب 1994م التي شنها النظام الفاسد في صنعاء على الجنوب ونتائجها المأساوية على الجنوبيين وطردهم من أعمالهم ونهب ثروتهم وأراضيهم من قبل السلطة الحاكمة في صنعاء وبروز الحراك الجنوبي التي تعود بداياته إلى ما بعد حرب صيف 94م، قادها من محافظة حضرموت المناضل/ حسن باعوم بثورة سلمية ضد النظام الحاكم في صنعاء, هذه المقدمات إضافة إلى الثورات العربية في تونس ومصر كانت مقدمات طبيعية للثورة السلمية التي بدأت من تعز وامتدت إلى كافة محافظات اليمن وما أحدثته هذه الثورة من مطالب والتي كانت في مقدمتها إسقاط النظام الفاسد، حيث التفت حول ثورة الشباب كافة شرائح المجتمع اليمني حتى أصبحت ثورة شعبية ضد نظام علي عبدالله صالح الذي قابلها بأدوات القمع عمل بالعنف، مما أدى إلى استشهاد آلاف الشباب في المسيرات والاحتجاجات السلمية ما دفع بكثير من المواطنين في المؤسسة العسكرية والأمنية للانضمام إلى الثورة السلمية وعلى رأسهم علي محسن الأحمر - قائد الفرقة الأولى مدرع - قائد المنطقة الشمالية الغربية وانضمام معه عشرات القادة للمناطق والألوية، مما خلق توازناً عسكرياً منع النظام الفاسد من استمرار ضرب شباب الثورة مما قاد نظام الحكم الفاسد بدعوة دول الخليج لأجراء حوار مع المعارضة الذي توج بالمبادرة الخليجية والتي وقعت عليها الأطراف والسياسية المشتركة (أحزاب المشترك) والمؤتمر الشعبي وتقضي بتسليم السلطة من الرئيس إلى نائبه عبدربه منصور هادي وإجراء انتخابات رئاسية، إضافة إلى تولي المعارضة رئاسة الوزراء ومجلس الوزراء مناصفة بين المؤتمر والمشترك وتشكيل لجنة عسكرية للأمن والاستقرار وهيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية ووضع دستور جديد والاستفتاء عليه ومن ثم وضع انتخابات نيابية ورئاسية وحددت فترة عامين كفترة انتقالية لتنفيذ هذه المبادرة وقبل هذا إجراء حوار شامل بين مختلف الأطراف السياسية في الساحة وتكون مواضيع هذا الحوار أهم القضايا العالقة في اليمن كالقضية الجنوبية قضية جوهرية وأساسية للحوار وقضية صعدة وقضية أسس بقاء الدولة اليمنية وعلى ضوء نتائج الحوار يتم وضع دستور جديد يتقن أسس بناء الدولة المتفق عليها في الحوار وعلى ضوء هذه المبادرة جرت الانتخابات الرئاسية وانتخب عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية في 21 فبراير 2012م وبدأ الرئيس الجديد بإجراء سلسلة من الإجراءات والتغييرات في المجال العسكري والأمني، كما لإجراء سلسة من الإجراءات ضد الفساد في المؤسسة العسكرية والأمنية والقطاع المدني أدت هذه الإجراءات إلى خلق ارتياح شعبي واسع ولازالت هذه التغييرات مستمرة حتى الآن، وفي إطار التحضير للحوار الوطني الشامل والتواصل مع الأطراف السياسية التي يتطلب مشاركتها في الحوار المتوقع إطلاقه قبل نهاية العام الجاري بحسب تصريحات رئيس الجمهورية ولجنة التحضير لهذا الحوار .
إلى ذلك حقق الرئيس بتوجيهاته للمؤسسة العسكرية والأمنية بضرب تنظيم القاعدة في أبين وشبوة نجاحاً ملموساً وبالفعل تم القضاء على هذا التنظيم وانتصر الشعب بمؤسسته العسكرية على هذا التنظيم الإرهابي واستعادت السلطة سيطرتها على هذه المناطق ولازالت المؤسسة العسكرية والأمنية واللجان الشعبية في حرب مفتوحة ضد هؤلاء الإرهابيين والفاسدين من النظام السابق والتي أزعجتهم توجهات النظام الجديد في اليمن.
وحظي الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة محمد سالم باسندوة بدعم سياسي كامل من رعاة المبادرة الخليجية يعكس ثقة المجتمع الدولي بحرصهما على استقرار اليمن أمنه وتطوره واتضح هذا فعلياً وعملياً في الدعم الاقتصادي من أصدقاء اليمن والدول المانحة التي اجتمعت مع ممثلي اليمن في الرياض وحصلت اليمن ما يقارب 7 مليار دولار لمساعدتها في معالجة القضايا الشائكة والخطيرة اقتصادياً وأمنياً وغيرها , كما قامت الحكومة اليمنية بإعادة النظر في بعض الاتفاقيات المجحفة مثل الميناء الحر في عدن + إعادة النظر في تسعيرة الغاز وقد تم ذلك بالاتفاق مع الفرنسيين حيث ستحصل اليمن بموجب هذا الاتفاق ابتداء من يناير 2013م على ضعف السعر الحالي حيث ستحصل اليمن قيمة إنتاج الغاز لعام 2013م على مليار وأربعمائة مليون دولار، إضافة إلى استعادة اليمن ميناء الحاويات في عدن من شركة دبي ومن المتوقع تحصل اليمن خلال عام 2013م من هذا الميناء على خمسمائة مليون دولار قابلة للزيادة في الأعوام القادمة إذا نفذت الدراسات لتطوير هذا الميناء وانتشاله من الصعوبات التي خلقتها شركة دبي .
وبالرغم من القرارات الشجاعة والقوية التي اتخذها الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة واللجنة العسكرية إلا أن النظام السابق بقيادة الرئيس السابق ومعاونيه لازالوا يضعون العراقيل والمصاعب ضد الرئيس الجديد ورئيس حكومة الوفاق في نشاطهما لمعالجة الاختلالات الأمنية والاقتصادية، كما يعرقلون تنفيذ المبادرة الخليجية معتمدين على القانون الذي منحهم الحصانة، إلا أن الشعب اليمني قد أسقطهم والى غير رجعة، فلن تعود عقارب الساعة إلى الوراء هذه العراقيل التي يضعها النظام السابق تفهم لها المجتمع الدولي ممثلاً بالسيد جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وطرح ذلك في اجتماع مجلس الأمن واتخذ القرار رقم 2050 ليضاف إلى القرار السابق رقم 2014 واللذان تضمنا دعمهما للرئيس هادي لكافة الجهود والقرارات التي يصدرها، بل وحذر الرئيس السابق وأبنائه من الاستمرار في عرقلة السلطة اليمنية ونشاطها بأنها ستتخذ ما يلزم من الإجراءات ضدهم وبدأ الرئيس الأمريكي بإصدار قرار تجميد ممتلكات معرقلي المبادرة الخليجية في اليمن وبدأ في تنفيذ ذلك القرار عبر إصدار الخزانة العامة الأمريكية الإجراءات التنفيذية لهذا القرار بحسب ما ورد في كثير من الصحف اليمنية ومنها صحيفة "أخبار اليوم" بتاريخ 12 نوفمبر 2012م وغيرها من الصحف اليمنية والصحف الأمريكية كما انه من المتوقع أن يقف مجلس الأمن خلال الشهر الجاري (نوفمبر) أمام الأوضاع في اليمن والتقرير الذي سيقدمه له ممثل الأمين العام في اليمن الأخ جمال بن عمر، إضافة إلى نتائج لقاءاته بقيادات الحراك الجنوبي في لقاءات عدن والقاهرة وما تمخض عنها من أفكار وروى حول الحوار الوطني الشامل وبالذات فيما يخص القضية الجنوبية باعتبارها القضية المركزية والأولى في الأهمية والتي أكد جمال بن عمر أن القضية الجنوبية وحلها هو المفتاح لحل القضايا الأخرى في اليمن.
وبشكل عام تواجه السلطة اليمنية ثلاثة تحديات أساسية، تتمثل في استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية وثانيا معالجة الاختلالات الأمنية والاقتصادية وثالثاً وضع خطة تنموية تستوعب حل قضايا البطالة المتفشية والبالغة ستة ملايين وخمسمائة إلف عاطل عن العمل وحل هذه التحديات يعني خروج اليمن من أزمته الحالية إلى طريق التطور ولاشك إن حل هذه التحديات يسير بشكل متوازٍ مع بعضها البعض باعتبار أن حل القضايا السياسية المرتبطة بالحوار الوطني الشامل ونتائج هذا الحوار يعكس نفسه على حل قضايا الاختلالات الأمنية والاختلالات الاقتصادية وبدورها ستنعكس على وضع خطة تنموية تستوعب حل قضايا البطالة ونعتقد أن الحكومة اليمنية جاهزة بدراساتها المطلوبة لأهم القطاعات التي يتطلب استكمال فيها البنية التحتية في ضوء دعم أصدقاء اليمن والدول المانحة المقدم لليمن .
علي محمد حيدرة المحثوثي
التحديات التي تواجه اليمن 2395