أخبار اللجنة الفنية للحوار كلها سارة ما إن أرى صورة أحدهم إلا وأعرف ما تحت الصورة، إن كل أطراف الحوار قبلوا الجلوس على طاولة المفاوضات، فقط هو الرئيس/ علي سالم البيض الذي ظل "حانقاً" منذ 1994م وحتى اليوم.. ولم يرد على اتصالات اللجنة، أي أنه غير معترف بالحوار ولا بجدواه ولا بالقائمين عليه.. لا أعتقد أنه يبكي على ملك فقده لكنه نادم على تصديقه للسلطة في صنعاء كما هو نادم على ما سلمه لهم "دولة بكاملها" وكيف أنهم حولوه من رمز وحدويه إلى انفصالي مطارد.. متناسين دوره التاريخي في الوحدة.. "لا مكان للعيش والملح في السياسة".
بيني وبينكم مازالت بعض الوجوه التي كانت مع الرئيس السابق/علي عبد الله صالح، مازالت موجودة ومتحمسة الآن للحوار وهي نفسها كانت في 1994م متحمسة للحرب وإقصاء الآخر، فكيف يأتي البيض ليضع يده مع أيديهم ثانية؟ ما الذي يضمن له صدقهم فالرجل من حقه النفخ في الزبادي فقد لسعته نارهم؟.. أنا مع دخول الرئيس البيض في عملية الحوار الوطني لأسباب كثيرة، لكنني أعذره وأقدر موقفه جيداً.. حيث لا توجد ضمانات كافية لهذا الحوار خاصة بالنسبة له كرئيس سابق للجنوب، كيف سيكون وضعه بعد الحوار وترتيبات ما بعد الحوار؟..
البعض يعتقد أن رعاية الولايات المتحدة للحوار وكذا الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، أمر كاف لتحقيق النتائج المرجوة وتحقيقه توافقاً سياسياً واتفاقاً على المبادئ والخطط العريضة ولكن يخاف الكثيرون من التفاصيل، حيث يكمن الشيطان هناك..
الولايات المتحدة الأمريكية، إذا صح لي القول، هي الراعي الذهبي للحوار اليمني والجوقة الباقية هي الراعي الفضي والبرونزي، أما الرعية فهم الشعب اليمني.. هنا تستحضرني نكتة سياسية تقول (بعد انتخاب يحيى الراعي رئيساً للبرلمان.. علق أحد المواطنين بالقول: تصور يحيى الراعي رئيساً للبرلمان! رد آخر ساخراً: لأحسن بدل ما يكونوا من غير راعي).. المهم أن أميركا في المقدمة وهي الراعي الذهبي.
أستغرب لجماعة الحوثي وهم يصرحون بأنهم لن يشاركوا في الحوار إذا حضر السفير الأميركي.. يا جماعة هذه سذاجة سياسية مع احترامي لهم.. ألا تعلمون أن الحوار هو فيلم يمني بتمويل وإخراج أميركي أوروبي خليجي؟ كيف تكرهون أميركا إلى هذا الحد وهي التي تمدكم بالسلاح لتتقاتلوا؟ كيف ترفضون وجودها في الحوار وهي التي ابتدعت لكم الحوار حتى تتعايشوا في سلام؟..
ليس من حق أي جماعة أن تأتي بشروط للحوار.. حوار يعني حواراً تسمع وتناقش ثم ترفض أو تؤيد أو تتحفظ والراعي الذهبي هو أميركا شئتم أم أبيتم!! ليس تحد لكنها حقيقة ولابد أن نتعامل معها وأن نكون أكثر وعياً بأن طاولة المفاوضات توفر الوقت والجهد وتبني توافقاً مع المختلف معه وتحقن الدماء وتنتشل الوطن من بؤسه وحروباته المتتالية..
على جماعة الحوثي أن تكون أكثر مرونة مع نفسها ومن ثم مع الآخرين ومع الوطن، فلتسمح لنفسها الاندماج في الحياة السياسية بروح العصر، ولتسمح للآخرين من أبناء الشعب بالتعبير عن أنفسهم في المسألة السياسية، بحكم أنهم تعلموا ـ أي جماعة الحوثي ـ من حرب الاستنزاف وعددها ستة حروب الكثير منها وينبغي أن تتغير رؤاهم لصالح مشاركتهم الجميع في بناء الوطن الجديد، لأن سياسة الإقصاء ورفض الآخر غير واردة في الحاضر ولا في المستقبل.
إن أميركا حاضرة في كل تفاصيل حياتنا السياسية والاقتصادية والأمنية وبالتالي فهي معنا، لأنها تبحث عن مصالحها وعن وضع لليمن لا يمثل بالنسبة لها أي تهديد.. وبالتالي علينا أن نتعامل معها كدولة صديقة ونبني بلداً قوياً يحمى سيادته وقراره السياسي بنفسه ويمنع التدخل في شؤونه ولن يتأتى ذلك إلا إذا توحدنا واتفقنا عبر الحوار.. فلا تتأخروا ولا تتخاذلوا.
محاسن الحواتي
الراعي الذهبي للحوار اليمني 1964