استهداف الوزراء وبالأخص وزير الدفاع أمام رئاسة الوزراء جريمة مستهجنة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وبالأخص حينما تستهدف مثل هذه الجرائم الهامة الوطنية الشجاعة اللواء/ محمد ناصر أحمد ـ وزير الدفاع ـ الذي أقض مضجع أساطين نظام الرئيس السابق صالح وحلفاءه من عناصر أنصار الشر، وليس لي من تفسير للدلالات والأبعاد الذي حملته المحاولة اليائسة لاغتيال وزير الدفاع يوم الثلاثاء 11يونيو 2012م أمام رئاسة الوزراء إلا أن هذا الفعل المدان والجبان لا يعدو عن كونه حلقة في مسلسل ابتدأ بوزارة الداخلية وثنى بوزارة الدفاع، وحينما تعرى وفشل في إسقاط هيبة أهم وزارة سيادية يقع عليها حفظ السيادة الوطنية، أدرك مخرجون هذا المسلسل جيداً أنه لا فرق بين إسقاط الوزارة ورأس الوزير فبأحدهما أوكليهما يتحقق مقصودهم، إن حادثة الأمس رسالة واضحة يجب على الداخل بكل مكوناته وأطيافه السياسية كما يجب على الخارج المتبني والراعي والداعم للمبادرة الخليجية أن يحسنوا قراءتها جيداً كما جاءت، فكما أنها وخصوصاً في هذا التوقيت بالذات تقرأ من الأمام إلى الخلف، هي كذلك تقرأ من الخلف إلى الأمام ومن اليمين إلى الشمال والعكس، إذ كل القراءات مؤداها أن الحوار لا يمكن له أن يتم ويحقق مأربه طالما واليد الموقعة على المبادرة ممسكة بالزناد ببقاء جزء لا يستهان به من الجيش بيدها، إضافة إلى ما تقوم به من نهب للأسلحة دون أن نسمع حتى من يدين مثل هذه التصرفات من هنا أو من هناك، وما دام العالم لم يع والجيران لم يستوعبوا أن القاعدة ربيبة السابق وأداة من أدواته.
 إن من أهم الدلالات والأبعاد التي تحملها هذه الرسالة أن ثمة مخططات تجري لإسقاط العاصمة صنعاء خصوصاً في الوقت الذي سيبدو الناس فيه منشغلين بالحوار وأعماله ومقرراته، هذا وتبدو المرامي الخبيثة التي تحملها هذه الأفعال الشنيعة الدنيئة ضرب القوى السياسية ببعضها تحت ذرائع وحجج الفشل في إحكام القبضة الأمنية مع أن إحكام القبضة الأمنية خصوصا على أمانة العاصمة في ظل جيش ما يزال يعسكر داخلها مع ما يعيشه من حالة انقسام يعد ضرباً من ضروب المستحيل، إضافة إلى هذا فإن ما حدث يدلل على مدي التخبط والانهيار لما تبقى للمخلوع وحلفائه من أنصار الشر، تريد بتخبطها نقل المعركة إلى العاصمة كي تخف عليهم وقع الضربات التي يتلقونها في أبين وشبوة وحضرموت، هذا وبحسب المصادر التي أشارت بعد حادث التفجير الذي استهدف وزير الدفاع أنه تم تفكيك عبوة ناسفة عند بوابة رئاسة الوزراء أن الوزراء جميعهم كاننوا مستهدفين والهدف خلط الأوراق وإدخال البلاد في دوامة الفوضى ومن ثم صرف الناس عن الحوار وعن الهيكلة.
والأهم من هذا أن الذي وراء ما حدث يريد إيصال رسالة مفادها أنه موجود بقوة هناك، حيث الحكومة برمتها، هذا ولا يستبعد وجود تلازم بين ما حدث من اقتحام مسلحين يتبعون بعض المشائخ بسلاحهم الناري لباحة مجلس النواب السلطة الأولى في البلد وبين ما حدث عند مجلس الوزراء، خصوصاً والفاصل بين الحادثين يوم فقط، مع العلم أنه كان قد سبق لوزير الدفاع التواصل مع أحد هؤلاء المشائخ في اليوم الثاني لما حصل في مجلس النواب وطلب الوزير من الشيخ/ المجئ له وزيارته في مرفق من المرافق التابعة لوزارة الدفاع لكن الشيخ والقائد في الحرس أهمل تلك الدعوة ورفض مقابلة الوزير رغم انتظار الوزير له طويلاً، وهو ما قد يوحي بعض الشيء أنه يجب على الوزير أن يفهم أن مجي هؤلاء إليه وقعودهم معه للتفاهم لا يمكن له أن يتم إلا تحت أدخنة البارود.
وهنا وبعد سرد هذه الأبعاد لما حدث فإن الواجب يقتضي من جميع الجهات الحكومية والقوى السياسية والمواطنين بشكل عام التحلي بالحيطة والحذر والإبلاغ عن كل من قد يخل بالأمن ويمس بالاستقرار، مع تشديد الحراسات الأمنية على كافة المقار الحكومية والعمل الجاد والفعال على منع ظاهرة حمل وانتشار السلاح داخل المدن وبالأخص الأمانة، هذا ومطلوب من رئيس الجمهورية التسريع باستكمال تحريك عجلة الهيكلة للجيش وإقالة بقية أفراد العائلة الصالحية من مواقعهم العسكرية قبل الدخول في مؤتمر الحوار الوطني، كما أن الواجب اليوم على الأشقاء والأصدقاء وبالذات ومجلس الأمن سيعقد في الثامن عشر من الشهر الحالي جلسة يناقش فيها الأوضاع في اليمن أن يعملوا على دعم قرار يكون كفيلاً برفع الغطاء الدولي عن المخلوع وأبنائه ويدعم خيار الشعب المطالب بإسقاط الحصانة وتقديم المخلوع وأقاربه وأعوانه القتلة إلى المحاكمة لينالوا جزاءهم الرادع والعادل، وإلا فإن بقاءهم هو بقاء لعنصر القتل والتفجير والحرب الذي قد يتهدد المنطقة وليس اليمن فقط، هذا ويجب على القوى الحليفة للمخلوع أن تحدد موقفها المتبرئ منه ومن جرائمه وإلا فإن التأريخ لا يرحم.