أخيراً وبعد كثير من التقولات جاء من الرئيس هادي الخبر اليقين وأعلنها صراحة أن لا تغيير حكومي ولا تمديد ولا ترشيح بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي حددتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبهذا لم تعد هناك أي حجة للأيادي المرتعشة للوزراء الذين كانوا يخافون من التغيير والعزل ولا عذر لمن لم يجيد عمله، فقد طمأن الرئيس الجميع ومنحهم الفرصة ليعدلوا عن سلوكهم ويعملون بعيداً عن التهديد والوعيد ومنحهم الفرصة ليثبتوا أنفسهم ويثبتوا كفاءتهم وبعد ذلك سيحاسبهم الشعب إن أجادوا أو أساؤوا.
لقد استطاع الرئيس هادي ومن خلال الجلسة التي ترأس فيها اجتماعاً سابقاً للحكومة أن يقدم الخبر اليقين وأن يضع النقاط على الحروف وأن يوجه صفعة لأولئك الذين حاولوا ومن خلال الإشاعة عبر وسائلهم الإعلامية الاصطياد في الماء العكر وتشتيت الإنتباه وتحويل التركيز من العمل على خدمة الوطن والقيام بالمهام المطلوب إنجازها إلى الترقب والانتظار لما سيكون عليها الحال وما هي التشكيلة الجديدة للحكومة.
وعودة إلى أولئك الهواة الذين لا يعرفون كيف يتعاملون مع قرائهم ومتابعيهم نقول لهم إن السبق الصحفي لا يأتي من تحليلات وتكهنات أو توقعات وإن كان لها معطيات على أرض الواقع وكذلك فإن السبق الصحفي لا يأتي من تسريبات مجهولة المصدر أو من مصادر غير مسئولة أو ذات مسؤولية محدودة وعليهم أن يعلموا أن الخبر أمانة وللحصول عليه هناك أسس وأطر متعارف عليها لا يمكن بأي حال من الأحول تجاهلها أو تخطيها.
وعلى هؤلاء الهواة وأصحاب الأهواء المتجردين عن الحيادية والمصداقية المتقولين والمهوسين بالسبق الصحفي وغير الصحفي عبر الخيال والتأويل الذين أثبتت الأحداث كذب مصادرهم وخطأ توقعاتهم أن يظهروا ولو قدر صغير من الاحترام لمتابعيهم وقرائهم وأن يتحلوا بالشجاعة ويقدموا اعتذاراً عن خطأهم وفشلهم في نقل الخبر والمعلومة واختلاقها من العدم وأن لا يعودوا لتكرار مثل هذه الأخبار أو غيرها مما لا أساس لها من الصحة ولا مصدر لها ـ ذو مسئولية وثقة ـ إن كانوا فعلاً يحترمون ذاتهم ومهنتهم ومن يخاطبون وإلا فإنهم سيجدون أنفسهم خارج الوسط الإعلامي إن لم يخرجوا من الحياة بشكل عام.
وعليهم أن يتعلموا حتى لا تتكرر تلك الأخطاء، فالسبق الصحفي ليس إشاعة وإنما حقيقة ولا ينبغي للصحفي أن يتعامل مع الإشاعة على أي حال من الأحوال لأنه مسئول عن الخبر الذي يقدمه وينقله وخبره يوثق بواسطة الوسيلة التي ينشر بها على خلاف أصحاب الإشاعات من العوام الذين لا يأبه لهم والذين يختفون بجانب الخبر الذي يشيعونه ويختفون مع تعدد الرواة ومع ما يزيدوه إلى الخبر أو الحدث أو ما ينقصوه منه.
وعلى الإعلامي ووسيلته أن يهتم كثيراً بثقة المتلقي وأن يحافظ عليها أكثر مما يحافظ على أي شيء أخر، لأن الثقة هي رأس المال الحقيقي للإعلامي ووسيلته الإعلامية وإذا فقدت فمن الصعب الحصول عليها في ظل التنافس المحموم والكبير على الجمهور من قبل وسائل الإعلام المختلفة وما أكثرها.
ولكن وللأسف يبدو أننا لا نزال أمام إعلام هاو غير محترف لا يقدر ما تقدره الوسائل الأخرى ولا يحسب لتصرفاته حساب، متناسياً أنه ليس الوحيد في الساحة وأنه يواجه إعلاماً محترفاً لا يقع بمثل ما تقع به هذه الوسائل الراكضة نحو السبق الذي يوافق أهواءها بطريقة غير مهنية ساذجة تسيء لأصحابها والوسائل التي يديرونها إن لم يدركوا هذا الأمر الآن، فبالتأكيد سيدركونه في قادم الأيام.
جلال الوهبي
الخبر اليقين .... 2025