كلنا نكتوي بممارسات تنظيم القاعدة التي وجدت في اليمن بيئة حاضنة نظراً لعدم الاستقرار الأمني وتعدد القوى السياسية المتصارعة والتي تسعى للنيل من بعضها، وفي النهاية، المحصلة النيل من الوطن وأهله.. كلنا يعرف من وراء تنظيم القاعدة في اليمن ومع ذلك "ندعمم" حتى لا تصبح البلاد كلها قاعدة بلا رأس.. تنظيم القاعدة يقودنا إلى اللادولة وهذا ما يراد لليمن من خلال الأيدي العابثة، فهل الدين ضد الدولة والاستقرار؟! وهل الجهاد ضد المسلمين من قبل المسلمين يعتبر هو الحل لطرد الكفار من اليمن؟! وهل قتل الجنود الأبرياء سيدخل القتلة الجنة؟!.
استعانت حكومة بلادنا في مرحلة سابقة بالاستخبارات الأميركية والقوة العظمى ومن ورائها في محاربة تنظيم القاعدة وأجمل ما كان يحدث قبل الثورة أن يتم القبض على خلية كاملة فجأة، يحاكمون، يودعون السجن، وفجأة يخرجون من السجون، يهربون، وتبدأ رحلة البحث عنهم.. والمسألة كأنها مسرحية بطلها من وراء الكواليس ومخرجها معروف، الآن كبرت القاعدة أيضاً فجأة ونمت بسرعة وكل يوم يتم القبض على خلية وعلى قادة.. ليس المهم متى ولدت هذه الخلايا وكيف نظمت نفسها ومن أين تمول؟! القضية ما هدف هذه الخلايا والتنظيم بكله؟ هل الهدف القضاء على الدولة والبلاد حتى يكون الدين في أحسن حالاته، هل الهدف خلف عدم استقرار سياسي وأمني؟! وبالتالي انتهاء مشروع الدولة المدنية؟! أم الهدف محاربة أميركا ودول الغرب في ملعب صغير اسمه اليمن؟!.
الحرب على إرهاب القاعدة يكلف اليمن الكثير ويؤثر على التنمية وأهم ما يدفعه اليمن هو تلك الأرواح من الأبرياء التي يقتلون في المعارك والعمليات الانتحارية والذين يقتلون بالطائرات الأميركية بدون طيار، هذه الأرواح البشرية ما كان لها أن تكون ثمناً وهدفاً خاطئاً للطائرات الأميركية بدون طيار، لذلك عندما قرأت ما كتبته صحيفة "الايكونومست" الأميركية مؤخراً عن "أوقفوا الضربات الأميركية بالطائرات بدون طيار في اليمن" تأملت الوضع ملياً، لكي توقف هذه الضربات القاسية والتي غالباً ما تخطئ هدفها وضحاياها كثر من المدنيين الذين لم ولن تعوضهم حكومة الولايات المتحدة حتى الآن، لأن منظمات المجتمع المدني التي ترعى الحقوق المدنية في بلادنا تمول من قبل برامج الوكالة الأميركية للتنمية والسفارة والمنظمات الغربية الأخرى، فكيف لها أن تطالب بتعويض لمواطن غلبان قتل بلا سبب بطائرة أميركية بدون طيار، أو تدافع – أي منظمات المجتمع المدني الكثيرة والتي تجاوزت الـ7000 منظمة- كيف لها تدافع عن أسر بكاملها قصفت عن طريق الخطأ؟! أي أن هناك إشكالية وتقصير.
أود هنا وضع إشكالية الوعي العام وضرورة تنوير المواطن وتمكينه من المعلومة عبر مختلف الوسائل عن خطورة الإرهاب، وضرورة التعاون مع الدولة، رفض العنف بكل أشكاله والبدء ببناء الدولة المدنية التي تقوم على الاستقرار والأمن والرخاء في إطار المساواة واختلاف الآراء والمعتقدات.
أخيراً فليطالب الجميع بإيقاف الطائرات بدون طيار التي تضرب دون علم القيادة السياسية ولا علم الحكومة، أما المواطن فلا يدري متى وكيف ولماذا؟! فهل رخصت السيادة الوطنية إلى هذا الحد؟!.. اجعلوا لهذا الوطن قليلاً من كرامة، وليكن كل اليمنيين حماة الوطن ومحاربين للقاعدة وغير القاعدة ممن لا يؤمنون بالحياة.
محاسن الحواتي
أوقفوا الطائرات بدون طيار 1971