البطاقة الشخصية (نموذجاً)
من طرائف الأمور أنني ذهبت في العام2010م لمصلحة الأحوال المدنية لمساعدة أحد أقربائي الذي ولد في السودان وجاء في سبعينيات القرن الماضي وبحماس أيام الحمدي التحق الرجل بالبحرية جندياً ولم يهتم "يقطع" بطاقة شخصية، أصيب في بداية الثمانينات بطلق ناري في ساقه وفخذه الأيسر أصبح الرجل مقعداً.. أو بالأصح أعيق في رجله اليسرى التي لم تزل المسامير داخلها وقد تسببت له في مشاكل صحية كثيرة.. الطلق الناري كان بدون قصد ومن بندقية زميله وقد سويت المشكلة "بأرش" متواضع ولم يحسب قريبي حسابات ما سيأتي.. علماً بأنه مازال بدون هوية وأبناؤه بالتالي بدون شهادات ميلاد ولا يمكنه التحرك من مدينة المكلا إلى صنعاء بسبب ذلك..
قلت في نفسي وبعد أن طلب مساعدتي أتوجه إلى مصلحة الأحوال المدنية بعصر وأطلب أصول أوراقه التي دخل بها إلى تصريح المرور وأي أوراق أخرى.. المصلحة حقيقة تعمل بنمط خاص.. كل يمسك بمعاملته ومعه موظف أو عسكري يتابع معه.. يتم الاتفاق مع أناس محددين على كم تدفع لتحصل على ما تريد أو كم تدفع لسرعة الانجاز! كان ذلك قبل عامين ومازال لأنني عاودت الزيارة مع امرأة كبيرة في السن لها قصة يمكن روايتها في مقال قادم.. الآن دعوني أوجز ما حدث.. قدمت رسالة رسمية من وزارة المغتربين أطلب فيها أوليات قريبي وأرفقت "صورة" تصريح المرور الصادر من سفارتنا في الخرطوم.. طلب مني المدير أن أذهب لموظف "عسكري" طلب مني الأخير مبلغ ألف ريال، دفعته، طلب مني الانتظار ليبحث لي في الأرشيف عن أوليات قريبي التي أُرشفت من السبعينيات!! عاد بعد ساعة حاملاً تصريح مرور أصل صادر في تلك الفترة الاسم الأول والثاني مطابق والأخير مختلف.. ليس هذا فحسب بل الرجل في التصريح "أحول" وقريبي ليس كذلك.. قلت له هذا ليس قريبي! قال العسكري.. (عادي خذي مش واضح أنه أحول)!!
أنا مع القانون والنظام ولكن أين هو؟ هونوا على الناس، خاصة أولئك الذين ولدوا بالخارج والذين لا يجيدون العربية أو اللهجة.. لا تطالبوا الناس بأكثر من طاقتهم، المبالغ التي تؤخذ من الغلابى والفقراء حرام × حرام ولا سند قانوني لها.
الشيء الآخر المزاجية الطاغية في العمل بمصلحة الأحوال كأن يحيلك هذا للآخر أو يرفض الآخر إنجاز المعاملة، أو يحلف بالطلاق أو يشكك في جنسية الشخص لمجرد أنه لم ينطق (ذمار) أو (صعدة) جيداً أو لأنه لم يدفع أو......إلخ
نتمنى أن يعاد النظر في عمل مصلحة الأحوال المدنية فهل رئيس المصلحة ـ حفظه الله ـ يدري بهذه الجبايات أم أنه لا يدري؟ وهل هو راضٍ عما يدور؟
أقترح أن تعلق لائحة خاصة بأبناء المغتربين يحدد فيها المطلوب حتى لا يعذبون في الأخير (هات جيب ما فيش)، كما أقترح منع تدخل موظفي المصلحة في انجاز معاملة أي مواطن على أساس إرساء وانجاز الأمور بصورة سليمة وبنظام وبالقانون وتجريم أي أخذ المبالغ من الناس لأن الأمر لا يحتمل.
الشيء الآخر أرشيف المصلحة يمكن معالجة بياناته آلياً، يجب أن تحصر أوليات السبعينيات والثمانينات وهكذا إلى يومنا هذا وكل من جاء يفيده الكمبيوتر برقم ملفه ومحتوى الملف ويسهل له تسري الأمور دون النزول إلى البدروم في رحلة بحث تستغرق أياماً وتكلف مبالغ طائلة أحياناً.
كما أقترح أن تكون هناك إدارة للتوعية بأن الخطوة القادمة ـ للحصول على الجواز مثلاً ستكون على النحو التالي أو الخطوة التالية الإلتحاق الأبناء بالمدارس هي.. وأن هذه البطاقة قيمة جداً وتعني أنك مواطن عليك واجبات هي.... وكل حقوق وضياع البطاقة يعني والحصول على بدل الفاقد يتم وفق شروط وأي شخص يستخدم بطاقة غيره قد يتعرض لـ...... إدارة التوعية تحد من أي تزوير، ضياع، تهاون و....إلخ.
هذه المقترحات أتمنى أن تجد آذاناً صاغية لرئس المصلحة، الذي أتوقع أنه سيصلح الوضع ويعدل كل ما هو مقلوب وبهذا التفاؤل سوف أعود إلى المصلحة، علينا أن نعمل جميعاً من أجل وطن جيد يسوده النظام والقانون.. والدول التي تقدمت ليست أفضل منا في شيء سوى في تطبيق النظام والقانون والعدالة الاجتماعية والإرادة القوية.
محاسن الحواتي
هونوا على الناس 2005