لماذا نحن شعب ضد الطابور؟ ضد أن يقف أحدنا خلف واحد أشعث أغبر أو خلف واحدة يبدو عليها التعب والإرهاق أو خلف طفل صغير يتلفت كثيراً في قلق ونشاط زائد.. نحن ضد النظام داخل الوطن ومعه خارج الوطن وكأن اتباع النظام و"التطوير" يعني أنك لست يمنياً أو أنك مواطن درجة عاشرة.. ما جعلني أذكر الطابور ـ وأنا لي حكايات مع الطابور ـ حكاية التسوق قبل العيد بأيام فنحن شعب نقوم بكل شيء في اللحظات الأخيرة والذنب على الحكومة لأنها لا تصرف الإكرامية أو العلاوة أو الرواتب إلا في آخر لحظة وهي تتلذذ بلحظات الانتظار السخيفة التي يعيشها الأجزاء مع الدولة..
التسوق في كل مكان متعة وهواية عند البعض.. إلا في بلادنا التسوق معركة يخرج بعدها المتسوق ببعض الأكياس وجيبه فارغ، والعرق يتصبب من الرأس إلى الأرجل، وهناك من يقف بالباب طالباً الفاتورة يختمها بالأحمر، وإذا ضيعتها في الزحمة إذن أنت سارق..
× التسوق أو المعركة عندنا لا يحكمها نظام ولا قانون، ولا ارشادات حتى في "المولات" الكبيرة كأن يكتب يرجى الإلتزام بالطابور حتى تضمن سرعة الانجاز"، أو حتى نوفر الوقت والجهد.. لكن ولا أحد يفكر في كيفية حل هذه الأزمة والفوضى، ولو من خلال ربط حبلين متوازيين يمشي من خلالهما الزبائن إلى "الكاشير" أو المحاسب.
تركوا الشعب كما تعود يتسوق بفوضى ويختار ويزاحم يفكر ويحشرون أنفسهم في الأماكن الضيقة بحثاً عن كسوة مناسبة.. لا بد أن نتعلم النظام وأن نخدم بعضنا من خلال اتباع الطابور في الأماكن الخدمية والمراكز التجارية و.....الخ لست قاسية ولكن يعز علي أن أرى الفوضى تعم كل مكان بلا قدر سوى أننا لم نجهد أنفسنا.. لماذا.. وما هو الحل؟ وحتى نكون كبقية الشعوب المحتضرة لا بد من الطابور واحترام من جاء قبلك مع مراعاة كبار السن والنساء الحوامل مثلاً، وذوي الاحتياجات الخاصة.. فكيف نكون ملتزمين بالنظام في الخارج وفي الداخل نخرق النظام؟
× حكايتي مع الطابور حكاية تستحق أن تروى "أراهف" بجسدي النحيل من أجل الطابور وتستمر "المداهفة" حتى تأتي مربية "الفصلف" وتضربنا معاً.. إذن هناك علاقة بين الطابور بالقوة والطابور بقناعة إذ أن كليهما طابور مع فارق "المطوبرين" ..الخ ثقافة الطويرة قد تفرض بالقوة إلى أن تصبح عادة وقد تأتي بالوعي والتوعية، وهذا طريق طويل لكنه سيؤتي أكله.
× أذكر أن أحد كتبة النظام السابق الصفا "من نوعية الدفع المسبق كتب عني كلاماً طويلاً عريضاً بلا معنى يبدو أنه كان تحت تأثير غير طبيعي، المهم أنه ومن ضمن ما كتب من قذف هو أنني من الطابور الخامس وإنني أريد قيادة الأسطول السادس!!
لا طابور خامس ولا أول لم أهتم بذلك لأن البلد بكلها ليس فيها طابور فكيف نسمي ما لم يولد بعد.. الشيء الآخر قيادة أسطول ليست صعبة فقط تدريب كم يوم مع إرادة قوية فقط، شرطي الوحيد الذي أعرف من يقود الخمسة الأساطيل الأخرى؟
× ختاماً لا بد أن نحترم هذا البلد وحضارته، ونتبنى قيم الحضارة التي تؤكد أن النظام وسيلة من وسائل التنمية بمختلف المجالات، ولا تستهينوا بالطابور فهو معيار لمدى تقدم الأمم ولا ينقصنا شيء سوى أن نقف ونشير إلى الآخرين إلى الطابور.
في اعتقادي أن العاصمة لو "طوبرت" فبقية المحافظات كلها "ستطوبر"..
محاسن الحواتي
الطابور.. الطابور.. 2317