مضى شهر الخير "رمضان" ولى وهو أخف ضيف عرفته البشرية من كل شهور السنة، يظل رمضان صاحب بصمة خاصة ووقع جميل على النفوس.. حصاده أجمل، فكلُ يعمل بصمت لأن الله يجزي به أجزل الثواب وكأن المسلمين يتطهرون فيه من ذنوبهم حتى أن أخلاقهم تتغير وسلوكهم يتحسن، وللأسف ينقضي رمضان ويعود الناس إلى فسادهم وسوء أعمالهم.. قليل من يثبت على سلوك رمضان القويم، وأقل منهم من يتمسك بقيم الخير.. لسنا هنا بصدد الحديث عن وقع رمضان على النفوس بل على الخير الذي يُصب في رمضان من رجال الخير ومن المؤسسات الخيرية والإنسانية من مواد غذائية إلى مبالغ مالية وكسوة عيد، يأتي الخير من الداخل والخارج للفقراء من هذا الوطن يوزع إما عبر أفراد يتوسم فيهم فاعل الخير الأمانة وإما عبر عقال الحارات على أساس أنهم يعرفون سكان الحارة وبالذات ـ الفقراء منهم ـ وما يوزع هذا الخير عبر جمعيات ومؤسسات لها علاقة بالعمل الخيري أو أنها تعمل مع الفئات المحتاجه، الأحزاب لها أعمالها الخيرية كحزب الإصلاح والمؤتمر الشعبي.. لكن ما الذي حدث هذا العام والأعوام السابقة..؟
× جاءت إلي عدد من النسوة من حارات عدة يشتكين أن سلة رمضان الغذائية من تمر ودقيق وغيره لم توزع لهن لأن حزب الإصلاح والمؤتمر كل وزع لأعضائه ولأنهن ـ لا يعرفن الحزبية فلم ينلن شيئاً من السلطة الرمضانية!!.
وفي الباص وأنا في طريقي إلى باب اليمن استمعت لشكوى مفادها "إن عقال الحارات وزعوا المساعدات الرمضانية لأصحاب العمارات أصحابهم فيما تفرج المتسأجرون على هذه المهازل"!.
في هذا رمضان كانت ظروف المواطنين أكثر إلحاحاً أي أنها تستدعي المساعدة في الشهر الكريم.. الجمعيات الخيرية الصغيرة تختار من تساعد وليس بالضرورة إن يكونوا فقراء وهذا عيب كبير، حيث لا يوجد مسح للحارات لمعرفة المحتاجين والمعدمين يوكل الأمر لأناس بلا دراية.. اللاجئون الذين يعيشون في العاصمة ظروفهم سيئة، ينبغي إكرامهم في الشهر الكريم أيضاً الأيتام، الآرامل، المرضي، المعوقين، الخ.
لكن ما حدث ومازال يتكرر كل عام أن أعمال الخير تتم بصورة مبتورة ومشوهة لأنها لا تصل للمستهدفين.. لأن الأمانة والضمير هما مقياس لأي عمل..
× البعض يتاجر بكسوة رمضان طمعاً، ولا خوف من الله كأن يوزع جزءاً منها ويبيع الجزء الآخر.. أو يكدس علب التمر إلى ما بعد رمضان، أو الكسوة أو غيره تم يستفيد منها ناسياً مئات المحتاجين من الأطفال والنساء، غافلاً أن الله يسمع ويرى.
× كنت قد حضرت لقاء الوفد الإماراتي مع وزير المغتربين حول المساعدات التي جاؤوا بها إلى النازحين من أبين وإلى الفقراء في اليمن.. ما لاحظته أنهم يكررون عبارة "نأمل أن تصل هذه المساعدات إلى أهلها، إلى المستهدفين" واللبيب بالإشارة يفهم..
لماذا المساعدات التي تصل بلادنا لفقرائها مكتوب عليها هدية من الحكومة الأميركية؟ إذا كنتُ مسؤولة في هذا البلد لفتحت تحقيقاً عن هذا الموضوع.
× القرآن الكريم يقول "خير من استأجرت القوي الأمين" وجاء هذا الكلام على لسان امرأة وليس على لسان رجل.. فالأمانة والقوة شرط أنمن شروط العمل الصالح ـ العمل الجيد العمل الذي يحقق أهدافه.
وقد جربنا كل اللجان السابقة، الأسماء السابقة والهيئات والمساعدات لا تصل فلماذا نجرب المجرب..ألا يوجد في هذا البلد أناس "أمناء أقويا"؟ صورتنا أمام الآخرين مشوهة، وفكرتهم عنا ليس كما يجب إذاً علينا أن نغيره هذه الصورة.
عودة إلى التوزيع الاستثنائي لمساعدات رمضان.. وأقول: أمامكم عام كامل لعمل مسح للحارات وحصر الأسر الفقيرة بغض النظر عن أي أنتماء حزبي، وبناء على النتائج توزع المساعدات.. ولا يجوز تفضيل ما لك العمارة على المستأجرين، أو مالك البقالة على الذين يعيشون في "البدروم". معروف لمن تعطي الصدقات يا عقال الحارات، ويا حزبي الإصلاح والمؤتمر.
× أخيراً الجمعيات الخيرية الكثيرة العاملة في رمضان والتي تقوم بتوزيع عشوائي في الشهر الكريم عليها أن تعمد قاعدة بيانات، وتعمل بشكل منظم وبالتعاون مع "وجهاء" الحارات وشبابها وكما يؤدي الناس أعمالهم في ضوء النهار، وبناءً على أرقام وأسماء صحيحة وبشكل يحترم آدمية الفقراء.
محاسن الحواتي
الخير الاستثنائي.. 2168